«الغظيفة» إحدى قرى وادي عاهن بصحار
أجرى اللقاء - خميس الخوالدي
تنام قرية الغظيفة التابعة لوادي عاهن بولاية صحار على طبيعة غناء تجمع بين الصخور والمياه والحقول الخضراء وتسمو بقمم جبالها السامقة ونخيلها الباسقات وكما وصفها أهلها بأنها مقصد للقوافل التجارية بين محافظتي الظاهرة والباطنة منذ القدم ويقصد سوقها المحلي الثري لبيع وشراء الحبوب والتمور والملح والأغنام والمشغولات الفضية والأسلحة التقليدية ولمعرفة المزيد من تاريخ وعراقة هذه القرية الوادعة التقت «عمان» بعدد من الأهالي لتسليط الضوء على ما تتميز به هذه القرية من مقومات سياحية وكنوز تراثية وعراقة تاريخية أهلتها لأن تكون مقصدا للعديد من السياح والزوار من داخل السلطنة وخارجها وإليكم تفاصيل اللقاء..
في البداية يقول الشيخ محمد بن سعيد العيسائي: قرية الغظيفة لها تاريخ ضارب في القدم حيث الشواهد التاريخية كالحصون وسور القرية الذي تتخلله عدة أبراج كبرج المراغة وبرج المدسوس وبرج القرن لاستخدامها في المراقبة ويوجد بها تحصينات أخرى حربية وهي (السيب) جمع سيبة مبنية من الصخور لحماية القرية.
كما تشتهر هذه القرية بسبلة الشخارة التاريخية التي تعد مجلسًا للمشورة والمناسبات وتستخدم كمدرسة للقرآن واشتهرت الغظيفة بالكثير من العلماء في ذلك الحين كالشيخ محمد بن سعيد الفضولي والشيخ القاضي محمد بن سالم العيسائي رحمهم الله.
كما تعد هذه القرية من المناطق ذات الجذب السياحي طوال العام حيث يرتادها العديد من السياح من داخل السلطنة وخارجها وحظيت كغيرها من مناطق وقرى السلطنة بالخدمات الأساسية في عصر النهضة كالطرق المعبدة وخدمات الكهرباء والماء والاتصالات وقريبة من مركز وادي عاهن ومدرسة الاستقامة ومدرسة أبي مالك الصلاني، مشيرا إلى أن القرية تتميز باعتدال مناخها سيما في فصل الصيف حيث وفرة مياهها وتنوع محاصيلها الزراعية كالنخيل التي تسقى بالأفلاج ويوجد بها أجود أصناف التمور كالخلاص والخصاب والهلالي والخنيزي وغيرها من الأصناف وتشتهر بزراعة البر والثوم والبصل وجميع الخضروات مما أكسبها سمعة طيبة بين قرى ومحافظات السلطنة.
تاريخ عريق
وتحدث الدكتور خالد بن علي العلوي قائلا: الغظيفة تتميز بعراقتها الموغلة في التاريخ حيث يسرد حصنها حكايات الماضي بأحرف من ذهب ويشهد برجها على رسوخ العماني وتفرده وتتميز بمناخها الحار صيفًا البارد شتاءً وهذا التفرد أسهم في تنوع محاصيلها الزراعية وخضرتها اليانعة وواديها وفلجها العذب وبذلك أصبحت مقصدا للسياح والزوار طوال العام. مشيرا إلى أن القرية نالت نصيبها من النهضة متمثلة في الطرق والاتصالات والخدمات الكمالية مما ساهم في جعلها مقصدا ومزارا سياحيا ومتنفسًا طبيعيا.
معالم أثرية
فيما ذكر الشيخ محمد بن خميس العيسائي: الغظيفة القلب النابض لوادي عاهن نظرا لموقعها المتميز وعراقتها من قديم الزمن وقبل النهضة المباركة موقعها الجغرافي جعلها نقطة عبور تجاري بين محافظة شمال الباطنة ومحافظة الظاهرة وبرجها الشاهق في أعالي جبالها الذي من خلاله يتم مراقبة جميع الطرق المجاورة والمؤدية للبلد من مسافة بعيدة جدا والتنبؤ بأي خطر أو التنبه لدخول شخص غريب وتمتاز بالمعالم الأثرية والسياحية فحصن البلد المتميز ببنائه يعد معلَمًا من المعالم الأثرية فقد كان في السابق نقطة اتصال بينه وبين البرج لإبلاغه عن أي مستجد أولًا بأول وبجنبه مجلس القرية والذي يطلق عليه «سبلة الشخارة» وهو عبارة عن مقر لالتقاء الأهالي واستقبال الضيوف وإقامة الأفراح والمناسبات ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة حظيت الغظيفة باهتمام الحكومة بإنشاء المدارس وشق الطرق وتعبيدها وإقامة مركز صحي وتوصيل الكهرباء إلى كل منازل البلدة مما جعلها لافتة لأنظار السياح لأن أجواءها ومناظرها الخلابة تريح النفس وتجدد النشاط الذهني وحباها الله بتربة خصبة ويظهر ذلك من خلال نخيلها الغناء المتنوعة إضافة إلى زراعة أشجار الليمون والمانجو والتين والعنب وغيرها من الأشجار إضافة إلى زراعة المحاصيل الموسمية على مدار العام مثل القمح والذرة والشعير والبر وغيرها من الحبوب وخضروات الاستخدام اليومي مثل الطماطم والخس والملفوف والبصل والثوم إضافة إلى علف المواشي.
مناشدة
وناشد العيسائي الجهات الحكومية بزيارة القرية والوقوف على بعض المشروعات الخدمية التي تحتاجها القرية ومنها إضافة أكتاف للطريق المؤدي إلى القرية وتكملته بالإنارة وعمل جسر في مدخل القرية لعبور المركبات عند نزول الوادي كذلك نناشد شركات الاتصالات بتقوية شبكة الاتصال والإنترنت خاصة في ظل جائحة كورونا ومع التوجه للتعليم عن بعد والعمل على إنشاء حدائق ترفيهية وفتح المركز الصحي على مدار الساعة نظرا لمرور الشارع العام المؤدي إلى محافظة الظاهرة وتحسبًا للحوادث المرورية والحالات الطارئة كما أن القرية بحاجة إلى شبكة مياه التحلية التي هي العنصر الأساسي للحياة وبحاجة إلى ترميم المواقع الأثرية والتنقيب عنها وعمل مكتب خدمي يمثل كل الدوائر الحكومية لتسهيل معاملات المواطنين ولتخفيف ضغط المراجعين على المؤسسات الحكومية في الولاية إضافة إلى إقامة مركز للدفاع المدني.
مقومات سياحية
أما سالم بن سعيد العلوي فيقول: تزخر قرية الغظيفة بمجموعة من المقومات السياحية التي جعلت منها مزارا للسياح، مشيرا إلى أن القرية مكان رائع للسياحة لما تشتهر به من المهن والحرف والفنون التقليدية، كما تشتهر بمجموعة من الآثار مثل الحصون والأبراج التي تدل على قدم القرية إضافة إلى أنها تمتاز بأجواء رائعة ومحاصيل زراعية زادت من جمال القرية كما يوجد بها حرفة حفر المنحاز وهو عبارة عن طريقة لحفر الحصى والذي يستخدم لطحن الحبوب والقمح حيث تمت زيارته من قبل الهيئة العامة للصناعات الحرفية آنذاك وقد تم تسجيل هذه الحرفة باسم القرية. وأوضح العلوي أن القرية اختيرت لاحتضان عدد من البرامج السياحية للنحاتين والمشاركين في مخيم النحاتين الرابع والخامس والسادس بشكل سنوي، كما استضافت مجموعة من البرامج التلفزيونية مثل برنامج القفار وذلك لوجود مجموعة من المميزات التي توجد في القرية ما جعلها محط أنظار السياح.
فنون تقليدية
ويقول محمد بن راشد العيسائي: تزخر قرية الغظيفة منذ القدم بمجموعة من الفنون التقليدية التي ما زال يتغنى بها مثل الرزحة والعيالة وفن الطارق والتغرود كما يوجد بها سبلة في منطقة الشخارة استخدمت إلى جانب دورها الأساسي لتكون مدرسة لتعليم وتحفيظ القران وظهر منها مجموعة من العلماء والفقهاء والأدباء ونذكر منهم محمد بن سعيد الفضولي الذي عاش في أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر الهجري ولد في بلدة الغظيفة بوادي عاهن وكان ذلك في عصر اليعاربة حيث نسخ كتابًا في الصرف يسمى «نزهة الطرف في علم الصرف» وله مجموعة من القصائد كما عين واليا على ولاية ينقل، مشيرا إلى أن القرية ما زالت تزخر بمجموعة من الأدباء والشعراء والمثقفين حيث تم إنشاء أول مجلس يضم مجموعة من الشعراء أطلق عليه مجلس شعراء وادي عاهن حيث كان له حضور كبير في البرامج التلفزيونية وما زال هناك مجموعة من الشعراء حتى وقتنا الحالي.
وحول ما يتعلق بالمهن والحرف التقليدية بالقرية يقول سعيد بن علي العيسائي أحد ممتهني حرفة السعفيات: يوجد العديد من الحرف والمهن التي تزخر بها قرية الغظيفة مثل صناعة السعفيات وصناعة النسيج والغزل وصناعة الفخاريات وتتوارثها الأجيال جيل بعد آخر وما زالت قائمة إلى الآن وأدعو إلى التمسك بهذه الحرف والمهن وتعليمها الأبناء فهي من التراث الذي يجب المحافظة عليه.
محاصيل زراعية
ويقول راشد بن محمد العيسائي: قرية الغضيفة من القرى الزراعية الجميلة التي تزخر بالعديد من المحاصيل الزراعية مثل التين والعنب والفيفاي والفرصاد والمانجو والجوافة ومختلف أصناف أشجار النخيل مثل النغال والخشكار والقسويح والخلاص والجبري والهلالي وأنواع أخرى، كما أن طبيعة المناخ في القرية وخاصة في فصل الشتاء تستغل في زراعة المحاصيل الموسمية مثل البر «القمح» والشعير والبصل والثوم والجلجلان وأصناف أخرى بما يتناسب مع أجواء فصل الشتاء وتسقى هذه المزروعات بنظام الري عن طريق الفلج الموجود وهي من ضمن الأفلاج الغيلية حيث يتم توزيع الماء بالتساوي بين جميع ملاك تلك المزروعات وفق أيام محددة لكل جزء من تلك المزروعات وفي حال نقص الماء بالفلج يقوم الأهالي بصيانة الفلج والتجمع فيما يسمى «بالتصويح» وهو عبارة عن حفر جزء كبير مساوي للفلج بحيث يبنى جدار بالطين أو الصاروج ليشكل حاجزا يتجمع من خلاله الماء ليكون عاملا مساعدا في زيادة منسوب الفلج.
الجانب الرياضي
وحول الجانب الرياضي يقول خميس بن محمد العيسائي رئيس فريق الغظيفة الثقافي الرياضي: تم إنشاء فريق القرية في عام 1986 وتعاقبت عليه مجموعة من الرؤساء وما زال قائما إلى الآن في خدمة القرية ومتطلباتها ويسعى دائما إلى إيجاد متنفس للشباب ومواهبهم الرياضية والأدبية حيث يقوم بصقل مواهب الشباب وتعزيز قدراتهم والاستفادة من المواهب والإمكانيات في خدمة القرية ومواكبا لكافة الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية في القرية والفريق مسؤول عن كافة الأنشطة التي تقام في القرية ويحظى الفريق بتعاون وتكاتف الأهالي.