منوعات

أعمال عبد الحليم سلامي.. ارتحال نحو الصحراء والطبيعة الجزائرية

27 يناير 2025
27 يناير 2025

الجزائر "العُمانية": يقدم الفنان التشكيلي الجزائري عبد الحليم سلامي من خلال معرضه الشخصي "عطور الواحات"، تقنيّة خاصّة يتجسد حضورها في العلامات والرموز في معناها السيميولوجي، فهو يذهب إلى مكوّنات الفضاء الصحراوي وشخوصه.

يضم المعرض مجموعة من اللّوحات التي يبدو فيها بوضوح تأثُّر الفنان العميق بالمناظر الطبيعيّة، والثقافة في الصحراء الجزائرية، إذ يمكن لزائر هذا المعرض أن يكتشف مواضيع مثل معمار القصور والواحات الصحراويّة، وكذلك تمثيل المرأة في جنوب الجزائر باستخدام الوسائط المختلطة، إذ يدمج هذا الفنان في أعماله مواد وخامات، مثل الرمل، والجصّ، والغراء لإنشاء مجسّمات ونقوش فريدة.

وتثمر شجرة العلامات في لوحات الفنان مزيجًا من المرارة وحرقة السُّؤال تتناسى الخطوط كي تقول ما لا يقال، وتشتّت جماع المعنى وتقابل لجاجة اللُّغة بسديم الجلبة، وكلام اللّوحة لغوٌ وصمتها سلطة للتأمُّل.

ولجدران وشبابيك قصور مدينة ورقلة القديمة مكانةٌ خاصّة في أعمال الفنان، عبد الحليم سلامي، ابن منطقة وادي ريغ بتقرت؛ إنّه يتشكل كلاوعي للّوحة، وكنموذج خاص للعمل الفني. والحقيقة أنّ تلك العلاقة الطفوليّة بهذا السطح لم تلبث أن تسرّبت إلى العمل الفني بالتدريج إلى حدّ أنّ الجدار غدا مجازًا للوحة الصحراء في الآن نفسه. وتتماهى لوحة حليم سلامي مع الجدار وكأنّها تستدرج الفضاء المعماري الذي انطبع في العين منذ زمن لكي يستجلي نفسه في علاقة مباشرة بفضاء الصحراء وبالتسامي الروحي.

أمّا الألوان والأشكال المؤثّثة للوحة سلامي فتبدو كعلامة محفورة على صدر الصخر. إنّها إشاراتٌ مجسّمة في جدران قصور تقرت ومقابر ملوك ولاد جلاب نحتت الرياح فيها وشْمًا مخطوطًا بروح الأسلاف، وكأنّها إيماءة خفيّة مجبولة بلهفة أهل الصحراء على الحياة والبقاء، وربما تميمة منحوتة على تلك البيوت الطينيّة لتقي السكان شرّ الانقراض والفناء، وكأنّها أعجوبة أخرجها الفنان من متاهة السكون والزوال لتقيم في محراب الزمان.

ويتحوّل الجدار إلى لوحة يسكنها كمًّا لو كان بدلًا لها يمارس فيها ذاكرته المحمولة على هوى التحوُّلات، ويجعل منها فضاء للزمن المتوالي وللطفولة الفائتة. والجدار في أعمال عبد الحليم سلامي، هو أشبه بقدر مصيري يختزن الممحوّ والظاهر في هذه العملية ذاتها، ويصبح شاشة للوعي تشرّبها الفنان منذ الصغر، إنّه ذلك الجدار الذي يُمثّل درعًا ضد الفراغ؛ إنّه فراغٌ ممتلئٌ برحابة الاكتفاء الذاتي، وكيانٌ يمنح للوجود الشخصيّ موطئًا يدفعه للترحال والتيه والمخاطرة والمغامرة.

يُشار إلى أنّ الفنان عبد الحليم سلامي، من مواليد 1964 بمدينة تقرت (جنوب الجزائر)، تخرّج من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، وحصل على ماجستير فنون، وهو يُدرّس الفن التشكيلي، منذ عام 1998، بالمعهد العالي لتكوين إطارات الشباب بورقلة، ويواصل مسيرته الفنيّة بإنتاج غزير وثري. وقد سبق للفنان، عبد الحليم سلامي، المشاركة في العديد من المعارض الفردية والجماعية في الجزائر، وخارجها، لا سيما في فرنسا، وبرلين (ألمانيا)، وتركيا، ومصر.