الموقع الرسمي لجريدة عُمان - مؤلف

عبدالله حبيب
عبدالله حبيب
سحابة من اختناق
(1)في أقطار الدنيا ("الديموقراطية"، أو "الديكتاتورية، أو "الليبراليَّة"، أو "الملكيَّة الدستوريَّة"، أو التي "بين بين"، أو تلك التي لا تبالي بالتصنيفات في ذبح الناس على الملأ، إلخ) فإنك ترى صُور، ونُصُب، وتماثيل الرموز الوطنيَّة، والنضاليَّة، والتاريخيَّة في كل مكان؛ بدءاً من الأوراق النقديَّة، ومروراً بطوابع البريد، ولا انتهاء بالجدران، والشوارع،...
"وأنت تزمع الرحيل إلى إيثاكا"
(1)على الفِراش امرأة نصف مستيقظة مثل الشراشف النظيفة والقديمة، الشراشف البيضاء التي صارت سماويَّة، والشراشف البيضاء الخضراء التي أصبحت بلون تحياتنا السادرة في قرية لم يبقَ منها شيء لصالح طريق بحري أبعد البحر عنَّا، والشراشف البيضاء التي غابت عنها الألوان لفرط الغسيل والدعك في قريتنا ومآقينا، والندى، والخبز في أول...
"يوم أن تُحصى السنين"
(1)أن تستقل بمحض إرادتك واختيارك الحُر في بداية نهارٍ مشرقٍ صافٍ حينًا، وغائم طورًا، وممزن تارة، قطارا سلحفائيَّ العجلات يتوقف متفكِّرًا كالتردُّد والمراودة، متأملا مثل سحابة غريقة، عند أصغر القرى وأكثرها دِيَكَةً وتثاؤبًا، وأقل المدن نصيبًا من الحداثة والصدأ، كما لو كنت تعيد صياغة أعلى مُرتفَع في الأناضول (ونداء ناظم...
أنساغ.. من دون الاضطرار لكل ما سيُذكر أدناه
(1)من الأفضل أن تكون للمرء آراء خاطئة في كل شيء بدلا من ألا يكون له رأي في أي شيء على الإطلاق (أصحاب "الآراء الصائبة"، منذ الفلسفة الإغريقية وحتى اليوم، هم من أوصلونا إلى هذا، ولا داعي للمزيد من هذا).وبنفس درجة أهمية الأمر فإن على المرء أن يتمتع بقدر كاف من...
لا تغادريني..
(1)حنان لموسيقى الحجرة: أنتِ، وهو، وهي، وأنا، وكل الآلات الوتريَّة التي في النسيان.(2)لا تغيثوه، لا تفسدوه، لا تنتظروا، لا تخترقوه، لا تنظروا: الرصاصة لا تزال تحترق.(3)الجسور رغبة بعيدة في رضاب البحر.(4)ريح، قواقع، وإسفنجة. ظمأ هو كل ما غير ذلك.(5)لم يَقُلْهُ البحر، هو الأخرس في الأجراس.(6)كل هذا الطين الَّلدن في يدٍ...
بين ستيفان تسفايغ وغسَّان كنفاني: "عالم الأمس" و "عالمٌ ليس لنا"
لا شك أنه في الذاكرة الأدبية الراهنة للقرن المنصرم، كان لهرمن هيسه أسبابه الموضوعية الوجيهة خارج أعراف التواضع البروتوكولي، المعهود، والدماثة الإتيكيتية. المتوقعة، والأخلاق الرفيعة الشكلية في الاقتضاء السلوكي الذي لا مناص منه وإن يكن ببعض ارتباك لا يحب الكتاب الكبار عادة أن يكونوا في خضمه، وذلك في إطار المناسبة...
نحتُ المتفرِّج في الجريمة: السرد وموقع المتفرج في فيلم كوروساوا «راشومون» (3 من 3)
يثابر الفيلم على التحرك برشاقة بين ثلاث صيغ للنسخ الأربع من رواية القصة. أما الصيغة الأولى فهي انتقال الحاضر الذي تقدِّم فيه الكاميرا السرد بصيغة الغائب (لقاء ومحادثات القس، والحطَّاب، والمتشرِّد، وذلك عند أنقاض بوابة راشومون). وأما الصيغة الثانية فهي تذكُّر الشخصيات للماضي القريب بصيغة المخاطَب (استجواب قاطع الطريق، والمرأة...
نحتُ المتفرِّج في الجريمة: السرد وموقع المتفرج في فيلم كوروساوا "راشومون" (2 من 3)
لا شك أن سؤال الزمن بوصفه وعاء للواقع، بل وحقًا خلقًا له، يكمن في قلب الفن السينمائي في علاقته بالواقع وتمثيلاته المتعددة (representations) لذلك الواقع. والحقيقة أن بيير باولو بازوليني Pier Paolo Pasolini يصف رؤياه السينمائية، على سبيل المثال، بأن صنع فيلم هو، بصفة جوهريَّة، عملية صنع "الواقع في الواقع"...