الموقع الرسمي لجريدة عُمان - مؤلف

محمّد زرّوق
محمّد زرّوق
ثقافة الأصداء
نشأنا على مصدرين أساسيين منهما كنَّا نُحصِّلُ ما نشتاقه من معارف وثقافة، المصدر الأوّل هو مكتبات الجهات العامّة، أو مكتبات الولايات، والمصدر الثاني هو المكتبة الوطنيّة في العاصمة، فجيلي هو جيلٌ ورقيٌّ، تعوّد على ملمس الأوراق والكتب، وشمِّ روائحها وتقليب صفحاتها، ولحدِّ اليوم، رغم هذا المدّ في سيادة الثقافة الرقميّة،...
أجيال بلا «رسالة»
لم تكن لنا في أواخر السبعينيّات ونحن أطفالٌ صغارٌ وسائل لمشاهدة الأفلام شبه الحديثة سوى قاعات السينما بكلّ عِلاّتها، وكراسيها المدمّرة، وشاشة العرض العملاقة التي تعكسُ أشرطةً تعرضها آلةٌ بالية، كثيرًا ما تُمسك شريط الفيلم، ونبقى دقائق طويلة في انتظار موظّف العرض حتّى يستخرج البكرة من الآلة ويرمّمها ويعيدها للعرْض،...
أطباء قصَّاصون
لقد كان عبدالعزيز الفارسي -رحمه اللّه وبرَّد ثراه وجعل الجنّة مثواه- سليلَ تاريخٍ طويلٍ من العُلماء الذين نجحوا في العلم وبُرِّزوا في كتابة القصص.طريقان كان في اعْتقادنا أنّهما متوازيان، العلم والأدب، فالعلم قائم على الحقائق وعلى المادّة، والأدب قائمٌ على الظنون وعلى الإمكان التخييليّ، غير أنّ تاريخ العلم عند العرب...
بندقية تشيخوف
منطقُ القصة، ونهج الدخول في القصص، والأساليب التي يتوخاها كاتب السرد، مسائلُ كثُر فيها الجدل والنقاشُ، وخاضَ فيها الأدباءُ والدارسون، ولكن الطريقة الأمثل للحكاية تبقى دومًا بين يدي كاتب، لا يُدرك بالضرورة، «منطق الحكاية» ولا «مواقع الراوي» ولا «صيَغ السرد» ولا كل المفاهيم والمُصطلحات التي يُجريها النُقَاد ومدرسو الأدب، الفارق...
أجراسُ العودة تُقْرع أو لا تُقْرع
نحنُ جيلٌ يشدُّه الطَّربُ، طربنا بأحْزاننا، وأشدّ ما حوّلنا هزائمنا وخساراتنا وانتكاساتنا وأملنا إلى طرب، إلى رقصةٍ أحيانًا، إلى نغم شجيّ حَزنٍ أحيانًا أخرى، إلى تقطُّعات صوتِ شاعرٍ تتحشرج كنزْعٍ أخير. طرِبْنا في هزائمنا وغنّيْنا جُرُوحَنا، نكسةً، هزيمةً، ألمًا، مجزرةً، مذْبَحةً. في النكسة 1967 طربْنا لأغنية عبد الحليم حافظ «عدّى...
الإنسان المُخرِّف
أصْلُ الحكاية عقلٌ أسطوريّ لم تُوجِد له المعارف والعلوم أجوبةً، فاجترحها وابتدعها وقصّها، ولم يمنع الدين بقوّته وشدّةِ أثره هذا العقل من إنتاج متخيَّل قصصيّ يُسايره ويُجانبه ويصدر عنه ويملأ فراغاته، بل تحوّل هو ذاته إلى منتجٍ لعقلٍ قصصيّ، تخصّص في سرديّاتٍ تلتزم الهيكل الدينيّ وتُحدثُ عوالم متخيّلة تروي الوجودَ...
العشاء الأخير ونهاية الغرب
حرارةُ القيظ، وحُمّى كون سائر إلى فسادٍ، وقيم إنسانيّة تتهاوى وتتساقطُ، وعالمٌ يخطو إلى الفساد والانحلال، وأخلاقٌ قالت فيها الأديان وبَنَت صروحَها الفلسفاتُ، وتسمّت، واتُّفق على حدودها الإنسانيّة، فهَوت كما لم تكن.عالمٌ يسود فيه الغباءُ وحبُّ البقاء لأشلاءِ البشر، عالمٌ فَقَد الرّوحَ والضمير، سقطت فيه الإنسانيّة وتحوّل إلى إظهار وجهه...
أول القصص (3)
عندما كنت أرى كتاب العوْتَبي الصحاري «الأنساب»، أمرُّ عليه دون أن أفكِّر في فَتْحه أو النظر فيه، لسببٍ بسيطٍ، وهو أنّ وَفرةً من كُتُب الأنساب، كانت مُمِلّةً، مُضْجِرةً، تُصيبُني بالنُّعاس والتثاؤب والكَدَر -شأنها شأن كتب اللّغة- حتّى وأنا أتصفّحها فحسبُ، كُلّها أسماء وألقابٌ وقبائل وبطونٌ وسُلالاتٌ لا شأن لي بتتبّع...