هل يسهم تمديد ساعات العمل بالمراكز الصحية في تحسين الخدمة؟
مؤخراً تم تمديد ساعات العمل في بعض المراكز الصحية حتى الساعة 11 مساءً، مما أثار جدلاً بين العاملين الصحيين بشأن تأثير هذا القرار على جودة الخدمة ورفاهية الموظفين.
ومع ازدياد الضغط على المراكز الصحية، تبرز تساؤلات حول مدى استعداد هذه المؤسسات لتلبية احتياجات المجتمع، وكيف تتجاوب وزارة الصحة مع المطالب الملحة لتحسين الخدمات وتسهيل الوصول إليها، وزيادة أعداد الكوادر الطبية.
وأرجع موظفون تحفظهم على قرار تمديد ساعات العمل، إلى أسباب منها نقص عدد الكوادر الطبية المتاحة، حيث يرون أن العدد الحالي لا يكفي لتغطية ساعات العمل الطويلة، مما يؤثر سلبًا في جودة الخدمة المقدمة، كما أبدوا مخاوفهم من الإجهاد النفسي والجسدي الذي قد ينتج عن ساعات العمل الطويلة، مما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء طبية، وأشاروا أيضًا إلى نقص الموارد الأساسية، مثل الأدوية، وقلة توفر الفنيين في مجالات الأشعة والمختبرات.
وعلى الرغم من هذه المخاوف، أشار بعض الموظفين إلى أن تمديد ساعات العمل قد يُحسن إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية في أوقات متأخرة، مما يُفيد المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة بعد الساعة التاسعة مساءً.
من جانب آخر رحب موظفون في القطاع الصحي بالقرار باعتباره يهدف إلى خدمة المجتمع، وتساءلوا أيضاً عن تأثيره على رفاهية الطاقم الطبي، ورغم استعدادهم للمساهمة في تحسين الخدمات الصحية، وأكدوا ضرورة تعزيز عدد الكادر الطبي لضمان جودة الخدمة، وأبدوا رغبتهم في تحسين بيئة العمل ودعم العاملين، مشددين على أهمية توسيع نطاق الخدمات وتوفير تخصصات جديدة لضمان استدامة الرعاية الصحية.
رأي المجتمع
وفي استطلاع أجرته "عُمان" أبدى عدد من أفراد المجتمع آراءهم حول فكرة تمديد ساعات العمل في بعض المراكز الصحية، مُشيرين إلى فوائدها والتحديات التي قد تواجهها.
وأيد فاضل الخياري فكرة التمديد شرط توفر طاقم طبي مكتمل، ورأى أن التمديد يمكن أن يُحسن جودة الخدمة الصحية المقدمة، خاصة في المراكز التي تخدم عدداً كبيراً من المواطنين. ولفت إلى أن الساعات الحالية تؤدي إلى تأخير المواعيد وساعات انتظار طويلة، واقترح أن تعمل المراكز التي تخدم شريحة كبيرة من المجتمع على مدار 24 ساعة، بينما يُمكن للمراكز الأخرى العمل لمدة 12 ساعة، كما أشار إلى أهمية فتح مختبرات وقسم الأشعة بالتزامن مع ساعات العمل، إضافةً إلى الحاجة لعيادة للأمراض النسائية. وأكد أن قدرة الموظفين على التعامل مع ساعات العمل الإضافية قد تتأثر سلبًا إذا لم يكن هناك نظام مناوبات كافٍ.
ورأت أمل العبرية، معلمة بمدرسة مسفاة العبريين، أن فكرة تمديد ساعات العمل محببة ومقبولة في المناطق التي تعتمد على المراكز الصحية بشكل كامل، خاصة في ظل غياب خيارات رعاية صحية أخرى. وأكدت على أهمية توفر الكادر الطبي الكافي لتغطية الساعات المضافة، مشيرةً إلى أن تمديد العمل يجب أن يكون ضرورة ملحة بسبب الحالات الطارئة التي تحدث خارج ساعات العمل الحالية. وعبّرت عن أملها في أن تكون الخدمة الصحية متاحة على مدار 24 ساعة، مع ضرورة توفير خدمات الطوارئ والرعاية الأولية. وأوضحت أن كفاءة الكادر الطبي عالية، لكنها أشارت إلى أن الضغط المتزايد قد يؤثر على جودة الخدمة، لذا من الضروري أن تكون هناك زيادة في عدد الموظفين لتلبية احتياجات الساعات المددة، وأشارت العبرية إلى تجربتها الإيجابية بشكل عام، رغم التحديات المتعلقة بزمن الانتظار، والتي يمكن معالجتها من خلال تعزيز الكادر الطبي.
وأكدت موظفة بصيدلية مسقط أن تمديد ساعات العمل يمكن أن يساعد في تقليل عدد المرضى في صالات الطوارئ، مما يسهم في تحسين الخدمة الصحية، ورغم تأييدها للتمديد، أكدت على أهمية زيادة عدد الموظفين لتخفيف الضغط وضمان جودة الخدمة.
رأي "الصحة"
أكد الدكتور إدريس بن عبدالله بن راشد آل جمعة، مدير دائرة دعم خدمات الرعاية الصحية الأولية بالوزارة، أن وزارة الصحة في سلطنة عمان تسعى منذ تأسيسها إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين وضمان توفرها في أوقات ملائمة. وأوضح أنه من هذا المنطلق تم النظر في توقيت وساعات العمل في جميع المؤسسات الصحية لتلبية احتياجات المواطنين بشكل أفضل، حيث تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الرعاية الصحية الشاملة وضمان حصول المواطن على الخدمة الصحية عند احتياجه لها.
وأشار الدكتور إدريس إلى أن المؤسسات الصحية في سلطنة عمان تشمل عدد 50 من المستشفيات، منها المرجعية والمحلية، و21 مجمعًا صحيًا، و194 مركزًا صحيًا تتوزع في جميع أنحاء سلطنة عمان. وأضاف أن كل نوع من هذه المؤسسات يلعب دورًا مهمًا في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين وتلبية احتياجاتهم الصحية المختلفة، ويهدف تحديد توقيت العمل في المؤسسات الصحية إلى تنظيم وتوحيد ساعات العمل، مما يسهل على المراجعين معرفة الأوقات التي يمكنهم فيها الحصول على الخدمات الصحية، مما يقلل من الارتباك ويضمن تقديم الرعاية الصحية بشكل فعّال ومنظم، كما أن توحيد نظام العمل في جميع المحافظات يساهم في تحقيق التغطية الصحية الشاملة ويضمن حصول المواطن على الخدمة الصحية عند احتياجه لها.
وأوضح أن جميع المستشفيات تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لتقديم خدمات الطوارئ والرعاية الصحية العاجلة، بينما قد تعمل الأقسام الأخرى مثل العيادات الخارجية خلال ساعات محددة من اليوم، كما تعمل المجمعات الصحية على مدار الساعة في معظم المحافظات، في حين أن العيادات التخصصية تعمل وفقًا لتواقيت محددة تلبي احتياجات المرضى، أما العيادات العامة، فتعمل أيضًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، بينما تعمل المراكز الصحية بنظام مناوبتين صباحية ومسائية حتى الساعة 9:30 مساءً في معظم أنحاء سلطنة عمان، مع مناوبة صباحية واحدة في أيام الإجازات الرسمية. وأكد أنه حتى بعد انتهاء وقت العمل بالمراكز الصحية، يمكن للمراجعين التوجه لأقرب مجمع صحي بالولاية، الذي لا يبعد أكثر من 50 كيلومترًا من القرى المحيطة، للحصول على الرعاية الصحية اللازمة، ناهيك عن أن المستشفيات تعمل على مدار الساعة.
وبالإشارة إلى استفسار حول تمديد ساعات العمل في بعض المراكز الصحية ودعم الكوادر، أوضح الدكتور إدريس أن الهدف الرئيسي من تمديد ساعات العمل هو تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية وتلبية احتياجات المواطنين بشكل أفضل، وهذا يأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز جودة الرعاية الصحية وضمان توفرها في أوقات أكثر ملاءمة للمجتمع.
كما أضاف أنه تم تحديد المراكز الصحية التي ستخضع لتمديد ساعات العمل بناءً على الكثافة السكانية والبعد الجغرافي، حيث إن المسافة التي يقطعها المواطن للوصول إلى المؤسسة الصحية المفتوحة عبر طريق مُعبد تقل عن نصف ساعة، ومعظم المؤسسات الصحية تقع في هذا النطاق، مما يسهل الوصول إليها.
وأكد أيضًا أن هناك خططًا لدعم المراكز الصحية بالموارد البشرية، حيث يتم استخدام مؤشرات حِمل العمل لتحديد احتياجات التوظيف وضمان توزيع عادل للعاملين الصحيين في مرافق الرعاية الصحية الأولية، كما أشار إلى أن هناك عملًا جاريًا على تطوير معايير التوظيف الوطنية لضمان الحصول على أعداد كافية من الموظفين وتوزيعهم بشكل مناسب.
وفيما يتعلق بمناقشات تمديد ساعات العمل، أشار الدكتور إدريس إلى أن من المهم إجراء مناقشات مع الموظفين في المراكز الصحية لضمان تفهمهم واستعدادهم للتغييرات، هذه المناقشات تساعد في تحديد التحديات المحتملة والعمل على إيجاد حلول مناسبة. وأضاف أنه في حالة عدم قدرة قسم من الأقسام على تغطية المناوبات بسبب ظروف طارئة، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات إعادة توزيع الكوادر من أقسام أخرى أو الاستعانة بموظفين مؤقتين، حيث تقع المسؤولية على عاتق الإدارة لضمان عدم تأثر الخدمة المقدمة للمواطنين.