No Image
عمان اليوم

متحف عمان عبر الزمان.. رحلة تسبر عمق التاريخ والحكايات

01 يوليو 2023
توظيف تقنيات العرض المتحفي الحديث والواقع المعزز
01 يوليو 2023

التطواف في متحف عمان عبر الزمان هو رحلة في المكان والزمان والذاكرة الوطنية، وعبور للأمكنة وتفاصيل الماضي واستشعار هيبة التاريخ وسجلاته وأسفاره، وهو رحلة تقتضي الوعي بمسارات التاريخ ومفرداته وألوانه وتشكلاته، وقراءة في الصفحات الممتدة عبر العصور والأزمنة، فمعروضات المتحف تستعرض بداية التشكل الجيولوجي لأرض عُمان من خلال قاعتين ثريّتين بمحتوياتهما ومقتنياتهما.

ويبحر الزائر بين جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها متأملا ماضيها وحاضرها ومستشرفا مستقبلها عبر رؤية عمان ٢٠٢٠/ ٢٠٤٠م بشكل تفاعلي وباستخدام تقنيات العرض المتحفي وتوظيف تقنية الواقع المعزز إضافة إلى المقتنيات الأثرية التي يستعرضها المتحف بين جنباته. وينتقل الزائر في رحلة سردية عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر، وتنقسم قاعات العرض الدائمة إلى قاعتين قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة ويقدم المتحف ومضات وإشراقات وتجليات توثقها تقنية الواقع المعزز، فعلى الزائر أن يستطلع عبر ثقافته وخبرته دوائر المكان وإيحاءات الزمان، فالشاشات العملاقة المبهرة والمجسمات المنتشرة والرسومات الموضحة والكتابات والمقتنيات والتذكارات المتوزعة هنا وهناك كلها مقتنيات ومعروضات تشير إلى أن الإنسان العماني كان في مركز الحضارة يؤثر فيها ويتأثر بها يصنع الحدث تارة ويستجيب لمتطلبات التكيف والامتزاج تارة أخرى، وفي كل من هذه وتلك يحتفظ لنفسه بالكيان والشخصية.

مراحل التاريخ

ففي كل مرحلة من مراحل التاريخ شكلنا حضورنا الدائم المشرق، وسنظل هكذا مؤثرين في سيرورة الأحداث ببصماتنا الواضحة، حيث إننا نقف على بوابة الشرق وستبقى في أيدينا دائما مشاعل النور، نحن مع التاريخ ورحلة الإنسان وبداياته واكتشاف الأفلاج ونظامها ودورانها وقدوم مالك بن فهم وجيشه وأزده، ورحلة السفن ونشر الأشرعة والقلوع والبحر وابن ماجد وإسهامات الخليل وابن دريد وعلمه، إنها أرض جاذبة تقع في صلب الحضارة وفي مركزها وحين انتشرنا في أصقاع الأرض ووصلنا إلى إفريقيا غربا وإلى أطراف الهند والصين شرقا وفي دول شتى، كنا هناك نضع اللبنات التي يتبعها المتأخرون، فكانت ومضات ومعالم في أصقاع الأرض حتى يدرك العماني أنه سائر في دروب الحياة بثبات، وحين بعث الله النبي الكريم عليه الصلاة والسلام هاديا ومعلما للبشرية كنا في صلب الحدث وفي قلب المشهد وكان مازن بن غضوبة خط الاتصال الأول ثم جاء عمرو بن العاص والتقى بعبد وجيفر ونشر الإسلام وانتشر بسلام في رسالة ما زلنا نعيشها ونتعايش معها وبها ومع الآخر فلا مجال للسير عكس التاريخ وعكس المنطق؛ لأننا أمة تتفاعل مع محيطها الحضاري المبني على الأسس والقيم ثم تنطلق لتنتشر إلى الزوايا والأمكنة.

ولعله من الواجب ونحن ندخل بوابة المتحف أن نرصد حركة التاريخ وحركة الإنسان على هذه الأرض ونستشعر ما آثره الأئمة الأجلاء والسلاطين الأماجد، مما يقتضي الوقوف أمام تلك الحقب التاريخية ثم الانطلاق منها في مسيرة النهضة المتجددة إلى أبعادها المختلفة.

قاعة التاريخ

يستطيع الزائر لقاعة التاريخ التعرف على مختلف الحقب التي مرت بها سلطنة عُمان كجيولوجيا الأرض والسكان الأوائل وصولا إلى عصر النهضة، وتمتاز قاعة التاريخ بطريقة العرض من خلال المسار الزمني مع إبراز موضوعين اثنين وهما التراث البحري والأفلاج لارتباطهما بتاريخ سلطنة عمان.

كما تحتوي على بيئة افتراضية فائقة الدقة تتحدث عن إسهام أهل عُمان في الإسلام ومناحي الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بذلك، والإسهام العلمي للعلماء العُمانيين.

كما تتناول هذه القاعة عدة عصور وحقب تاريخية منها التكون الجيولوجي لأرض عُمان والعصر الحجري المتمثل في جناح المستوطنين الأوائل والعصر البرونزي المتمثل في جناح حضارة مجان، والعصر الحديدي المتمثل في جناح مملكة عُمان، بالإضافة إلى أجنحة اعتناق الإسلام، ودولة اليعاربة ودولة البوسعيديين. من جانب آخر تستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة من خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة وخرائط افتراضية.

وفي ختام قاعة التاريخ يتناول جناح حقبة دولة البوسعيديين في أربع مراحل رئيسية هي فترة تأسيس الدولة، وفترة الإمبراطورية العُمانية، وفترة انقسام الحكم بين مسقط وزنجبار وفترة الطريق إلى النهضة مع تسليط الضوء على مظاهر الحياة اليومية والإنجازات التي تحققت في شتى ميادين الحياة خلال فترة حكم الأئمة والسلاطين. وترتكز وسائل العرض المتحفي في هذه القاعة على الوسائط الرقمية لخلق بيئات افتراضية متعددة الأبعاد لتمكن الزائر من معايشة الواقع الافتراضي لكل عصر، إضافة إلى مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط لإضفاء حالة من الواقعية، فتحتوي أجنحة العصور من أسرة البوسعيد.

قاعة عصر النهضة المباركة

تم تصميم مدخل هذه القاعة على شكل فضاء مفتوح يتوسطه عدد من الأعمدة المهيبة التي تشكل فضاء تفاعليا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة تتناول الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، وتمثل القاعة ذروة تجربة الزائر إلى المتحف ومحوره الأساسي، وتستعرض جوانب التطور والازدهار والنماء في سلطنة عُمان، وما شهدته من تحول اجتماعي واقتصادي وصناعي وسياسي ملحوظ، جنبا إلى جنب مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة. وتحتوي القاعة على وسائل متحفية رقمية تفاعلية تستعرض الخطابات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه-. والخطابات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-.. إضافة إلى مرتكزات النهضة المباركة كالتعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية والعلاقات الخارجية والسياحة والاقتصاد وغيرها من الموضوعات.