فراشة النمر الزرقاء تعود بعد 37 عاما إلى السلطنة ورصد وجودها في 4 مواقع
- دورة حياة الفراشة تستمر ما بين 21 إلى 28 يوما ويمكن لها البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 60 يوما للحشرة البالغة
- للفراشات دور مهم في حياة الإنسان فهي تعتبر ملقحات للزهور كما تستثمر في إنشاء حدائق للفراشات لجذب السياح
«عمان»: بعد غياب لأكثر من ٣٧ عاما عادت فراشة النمر الزرقاء المهاجرة لتحط رحالها للمرة الثانية في ربوع سلطنة عمان الغالية، حيث تم رصد وجودها في أربعة مواقع في السلطنة بين شهري يوليو وأغسطس من عام 2020.
تعد هذه الفراشة ثاني الفراشات في فصيلة النباتات الحليبية (DANAIDAE) والتي تضم فراشة النمر/ الشخر وهو النوع الوحيد المسجل من ضمن هذه الفصيلة في عمان، ويعرف شرق غربي آسيا كأحد المواطن الأصلية لهذه الفراشة كما تشير الكثير من الدراسات العلمية وتشتهر كذلك بهجرتها الجماعية في كثير من بلدان شبه القارة الهندية.
وكشفت نشرة الوشق فوائد الفراشات فهي تعتبر ملقحات للزهور وتساعد أنواع من النباتات في بقائها من خلال نشر حبوب اللقاح، كذلك دودة عثة الحرير أو دودة القز لصناعة الحرير.
كما تستثمر بعض الدول في إنشاء حدائق للفراشات لجذب السياح وتعمل دول أخرى على إنشاء مدارس فنية تقتبس تصاميم فنية لصناعتها كالأقمشة والحقائب، إضافة إلى ذلك هنالك دول تستخدم يرقات الفراشات كمواد غذائية صالحة للأكل سواء للاستخدام البشري أو لاستخدام الحيوانات بحيث تضاف إلى أعلافها، في المقابل يعتبر بعض أنواع الفراشات آفة تضر بالمحاصيل الزراعية مثاله فراشة الرمان التي تقوم بوضع بيضها داخل ثمار الرمان ثم تفقس يرقاتها لتفسد الثمار.
كما أن هناك أنواعا من العث الثاقب للثمار ومنها ما هو آفة على نحل العسل، كما تسبب بعض أنواع اليرقات ذات الشعر المشوك حساسية جلدية لمن يلمسها.
وزارت فراشة النمر الزرقاء السلطنة للمرة الأولى في الفترة نفسها من عام 1983 وفي ظروف مشابهة، مما عزز من فكرة تأثير الأنواء المناخية حينها على عملية انتقال الفراشة باتجاه عمان عبر البحر، نجد ذلك في ورقة لارسن وبدجلي التي ذكرت في التسجيل الأول لهذه الفراشة في الفترة ما بين 12-23 من أغسطس 1983 في عدة مواقع مثل جزيرة مصيرة وإمارة أبوظبي وذلك عقب مرور عاصفة ضربت بحر العرب وخليج عمان ووصلت تأثيراتها إلى معظم السواحل العمانية وجزيرة مصيرة. وهذا شابه ظروف تسجيل فراشة النمر الزرقاء في عام 2020م، ففي نهاية مايو م2020 مرت على سواحل عمان عاصفة قوية (تأثرت بها محافظة ظفار بشكل كبير) بعد مرورها بسواحل شبه القارة الهندية أعقبها هبوب الرياح الموسمية مع بداية يوليو 2020م في إشارة إلى احتمالية انتقال هذه الفراشة عبر الرياح إلى سلطنة عمان.
تم تسجيل الفراشة في كل من منح، سناو (الوافي)، الرستاق (وادي بني عوف)، ووادي بني خروص، ولهذه الفراشة دورة حياة تستمر ما بين 21-28 يوما كما يمكن لها البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 60 يوما للحشرة البالغة، غير أن هناك مجموعة الفرضيات التي تدور حول عدم قدرة هذه الفراشة على الاستيطان والتكاثر في الأراضي العمانية بكثرة من ضمنها الطقس الحار وجود أعداء طبيعيين يحدون من قدرة الفراشة على البقاء لعدة أجيال.
تنوع البيئات
كجزء لا يتجزأ من التنوع البيئي الذي تزخر به السلطنة تحظى الفراشات باهتمام عدد من الباحثين والمهتمين بالشأن البيئي منذ أكثر من وقت مبكر نجد ذلك من خلال الأطلس الذي صدر بعنوان الفراشات العمانية عام ١٩٨٠ من تأليف لارسن، يوجد ما يقرب من 80 نوعا من الفراشات المصنفة والمسجلة بين الأنواع العمانية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأنواع المسجلة تشمل الفراش النهاري بينما لا تزال أعداد الفراش الليلي ( العث ) قيد الدراسة.
وتتوزع الفراشات على مناطق السلطنة تبعا لتنوع البيئات من حيث الغطاء النباتي ومناخ المنطقة، فمثلا تشكل محافظة ظفار نسبة 83% من الفراشات ذات الأصول الأفريقية بينما تصل النسبة إلى 56% في شمال السلطنة وتنخفض في محافظة مسندم إلى 36% بحيث إن موقع ظفار وتنوعها في الغطاء النباتي جعلها قبلة لأنواع كثيرة من الفراشات‘ كما أن هناك أنواعا من الفراشات تعيش في شمال عمان فقط مثل الفراشة سنونية الذيل بينما لا يمكن رؤية أنواع أخرى إلا في محافظة ظفار مثل فراشة اللؤلؤة الكبيرة.
علميا تنتمي الفراشات إلى رتبة من الحشرات تسمى (حرشفيات الأجنحة) نظراً لاحتوائها على حراشف دقيقة وغالبا ما تكون ملونة فتعطي الفراشة ألوانها الزاهية، وتبدأ الفراشات دورة حياتها بعد الخروج من البيضة كيرقة تقتات على أوراق الأشجار ثم تتحول إلى عذراء (سواء كانت داخل شرنقة أو بدون شرنقة) ثم تتحول أخيراً إلى فراشة مجنحة يمكنها الطيران والتزاوج ثم وضع البيض لتدور دورة حياتها، ويمكن للفراشات الكبيرة البالغة أن تعيش إلى 18 شهرا كما هو الحال في بعض أنواع الفراشات في أمريكيا اللاتينية خلافا لما يعتقده الكثيرون من كونها ذات حياة قصيرة لا تتعدى بضعة أيام، أما بالنسبة للفراشات العمانية فقد تعيش لعدة أسابيع أو بضعة أشهر كحدِّ أقصى وينخفض عمرها بالنسبة للفراشات صغيرة الحجم بحيث لا تتعدى حياتها أكثر من أسبوع، وكلما ارتفعت الحرارة قصرت حياة الفراشات.
تعيش الفراشات في بيئات مختلفة بناء على عوائلها النباتية الذي تحصل منه على غذائها، وفيما يتعلق بألوان الفراشة تختلف ألوان الفراشة الصغيرة(اليرقة) عن ألوان الفراشة البالغة بحيث إن مصدر ألوان الفراشة اليرقة عبارة عن مركبات كيميائية على جلدها تساعدها على التمويه والتحذير في حين أن مصدر ألوان الفراشة البالغة حراشف دقيقة ملونة في أجنحتها وتستخدمها في الغالب لغرض التزاوج وجذب الأفراد من جنسها نفسه أو لتحذير المفترسين والأعداء من الاقتراب منها، وعادة ما تعيش الفراشات وتهاجر في مجموعات وهناك ما يهاجر بمفرده كالفراشة العربية الوردية.
تصنيف الفراشات
تصنف الفراشات العمانية إلى سبع فصائل حسب ما صنفها لارسن (1980) وهي فصيلة خطافيات الذيل (Papilionidae)، وفصيلة النباتات الكرنبية ( pieridae )، وفصيلة النباتات الحليبية ( DANAINI )، وفصيلة الحورائيات( Nymphalidae)، وفصيلة سمراوات الحقول (Satyridae)، وفصيلة رهيفات الجناح (Lycaenidea)، و فصيلة الحوريات (Hesperiidae).
جاء ذلك في نشرة الوشق العدد الثامن والستون التي تصدر عن المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة ورصد الموضوع سعيد بن حمد الراشدي.