No Image
عمان العلمي

بوابتنا إلى الفضاء

18 يوليو 2023
18 يوليو 2023

حين كنا صغارًا ألهمتنا السماء فضلّت عيوننا ترقب النجوم وتبحر في أعماقها، وتساءلنا حول إذا ما بإمكاننا السفر إلى الفضاء يومًا ما؟

استكشاف المجهول كان ولا يزال جزءًا من الطبيعة البشرية، بل أن الفضاء نفسه جزء منا، والدليل على ذلك تشابه العناصر التكوينية بين الإنسان والنجوم، وقد يكون ذلك سبب حنيننا إليها، والسبب وراء فضول الإنسان لسبر أغوار الفضاء في محاولة لإدراك أبعاده وفهم طبيعته.

وفي الطريق لذلك، احتاجت المنظمات والعلماء لتطوير التكنولوجيا باستمرار، ومنها ما ساهم في تطوير الابتكارات على الأرض أيضًا، حيث يوجد اليوم أكثر من ثلاثة آلاف ابتكار علمي وتقني ناتج من أبحاث الفضاء ساهمت في تحسين الحياة، لعل من أهمها: الألواح الشمسية، والأطراف الصناعية، وتطوير بدلات رجال الإطفاء بالتزامن مع التطورات التي شهدتها بدلات رواد الفضاء، ومعدات التدريب الرياضية، إضافة إلى حبوب الفيتامينات.

رحلات الفضاء

تتنوع طرق السفر للفضاء وتتعدد أسبابه، فهناك رحلات تنطلق لأغراض علمية، ولتجارب وتدريبات مختلفة، وأخرى للسياحة! وتتضمن الرحلات العلمية على سبيل المثال إرسال الرواد أو المركبات المأهولة إلى الفضاء الخارجي للقيام بتجارب وقياسات، وتعد محطة الفضاء الدولية واحدة من أهم الأمثلة على هذا النوع من الرحلات، كما أنها تتواجد في مدار منخفض وقريب للأرض وهي قابلة للسكن من قبل الباحثين ورواد الفضاء. في السابق، كانت هذه الفرص محصورة للمركبات الفضائية الحكومية والرواد المتدربين، ولم يكن متاحًا للمدنيين فرصة الوصول إلى خارج الأرض. حتى بدأت الشركات الخاصة مثل «سبيس إكس» و«بلو أوريجين» بتقديم إمكانية السفر الفضائي للمدنيين مما ساهم في نشأة مصطلح «السياحة الفضائية».

وتعد السياحة الفضائية مفهومًا مبتكرًا يستهدف توفير تجربة فريدة ومثيرة للمغامرين العالميين، حيث يتاح لهم فرصة زيارة الفضاء الخارجي واستكشاف الكون. وعلى الرغم من كونها مجالًا جديدًا ومحدود الوصول، إلا أن السياحة الفضائية تثير اهتمامًا متزايدًا وتعد تحولًا ثوريًا في صناعة السفر والسياحة. ولعل من التحديات التي تواجه هذا النوع الجديد والمثير من السياحة، والتي تتكاثف الجهود والأبحاث للتغلب عليها، هي التالي:

أولًا السلامة: إذ يجب ضمان سلامة المسافرين في الرحلات الفضائية. ويتطلب ذلك اختبارات ومعايير أمان مشددة للمركبات الفضائية والتجهيزات المرتبطة بها. ثانيًا التدريب: قبل السفر إلى الفضاء، يحتاج المسافرون إلى تدريب للتعامل مع بيئة الفضاء والتحضير للتجارب المختلفة التي سيخوضونها. وأن يكون لديهم فهم كافٍ لنظريات الجاذبية والضغط والتكيف مع بيئة الفضاء .

ثالثًا التكلفة: تعد التكلفة أحد أكبر التحديات التي تقف أمام السياحة الفضائية كونها مرتفعة للغاية وتتطلب استثمارات كبيرة. ومع ذلك، من المتوقع أن تنخفض تكاليف الرحلات مع تقدم التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بالسوق. وقد تصبح الرحلات الفضائية متاحة للمزيد من الناس وتنشأ فنادق فضائية وتجارب سياحية متعددة. ومما لا شك فيه، أن السياحة الفضائية ستوفر فرصة الاستكشاف للعامة، كما أنها ستلهم الجيل القادم من المهندسين والعلماء للقيام بالمزيد من الأبحاث والاستكشافات. ولذلك تقوم بعض الدول بإرسال رواد فضاء لمهام قصيرة لمحطة الفضاء الدولية وهي رحلات تمزج بين العمل وفرصة خلق محتوى يلهم العامة والأجيال القادمة لتمكينهم مستقبلا من ريادة هذا القطاع.

من عُمان إلى الفضاء

تمتلك سلطنة عمان خططًا طموحة للمساهمة في قطاع الفضاء وتطوير المشاريع المرتبطة به. من خلال رسم السياسات الحكومية والدافعة للجهود في القطاعين العام والخاص، ومن خلال المشاريع الطموحة التي بدأها القطاع الخاص كمشروع منصات إطلاق المركبات الفضائية، ومركز مستوطنة الفضاء، وهي أحد مشاريع الشركة العالمية للفضاء والتكنولوجيا.

ولعل من أبرز المشاريع الواعدة في هذا المجال هو «مركز مستوطنة الفضاء» في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والذي يهدف لخلق بيئة لمحاكاة العيش في بيئة الفضاء كالمريخ والقمر ودراسة سلوك رواد الفضاء قبل الانضمام إلى رحالاتهم الاستكشافية، إضافة إلى خدمة العلماء والباحثين وإتاحة بيئة مؤهلة لعمل تجاربهم في قطاع الفضاء والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. هذه المشاريع المحلية وغيرها من المشاريع ذات الصلة ستكون بوابة سلطنة عمان للمساهمة في اكتشاف الفضاء وتطوير العلوم والتكنولوجيا المرتبطة بها.

م. بهية الشعيبية المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة العالمية للفضاء والتكنولوجيا