كتابٌ حول النقد المغاربي القديم في ضوء نظرية التّلقّي
«العُمانية» تدرس الباحثة، د. خيرة بن مستورة، في كتابها «النقد المغاربي القديم في ضوء نظرية التلقّي» الصادر عن دار أدليس للنشر والترجمة، إشكالية تلقّي النصّ الشعري في النقد القديم، إذ تؤكّد بين ثنايا هذا الكتاب، بأنّ هذا النقد لا يرتبط بجغرافية وبيئة هذا النقد، إن كان مشرقيًّا أم مغاربيًّا، بقدر ما يرتبط بمقولات ونظريات هذا النقد بحدّ ذاته من حيث طبيعتها، وتفصيلاتها، وتفرُّعاتها، واصطلاحاتها، ومدوّناتها، وتُدلّل على ذلك بكون مسألة تلقّي النقد القديم للنصّ الشعري ينطلق في أساس الأمر من تلك العناصر المرتبطة بمقولاته ونظرياته. وتؤكّد الباحثة بأنّ الهاجس الوحيد لهذه الدراسة هو البحث عن مدى الخصوصيّة في النقد المغاربي القديم والكشف عن احتمالية التأثر والبحث في الوقت نفسه عن تأثير هذا النقد، متجاوزا أو مجدّدا، لأهمّ مُقوّمات النقد القديم عموما.
وتضيف د. خيرة بن مستورة في تقديم الكتاب، بالقول «إنّ تتبُّع آليات التلقّي وقراءة النصّ القديم عند عبد الكريم النهشلي (تُوفّي سنة 403 هــ)، لعلّها تدلُّ على ما يمكن أن يوصف بالجديد أو التجاوز الذي أحدثه النهشلي في النقد العربي القديم من خلال مدوّنته «الممتع في صنعة الشعر وعمله»، حتى ولو كان ذلك الأمر ضئيلا وباهتا، فهو كذلك إذا أردنا البحث عن مُصوّغات لخصوصية النقد المغاربي القديم والآليات التي اعتمدها عبد الكريم في تلقّيه للنصّ المغاربي القديم، ومعرفة القيمة الأدبيّة لمدوّنته، وهذا ما يبرّر، بشكل ملفت للنظر الاعتماد على استراتيجيات القراءة الواعية والمدركة لمدوّنة عبد الكريم النهشلي، للاستئناس والاطمئنان إلى ما تذهب إليه هذه الدراسة من نتائج وتوصيات في سياق المنجز النقدي المغاربي القديم.
وقد قسّمت الباحثة هذه الدراسة النقدية إلى أربعة فصول هي: التلقّي في التراث النقدي القديم؛ تناولت فيه مفهوم التلقّي وتمظهراته عند عدد من النقّاد القدامى على غرار الجاحظ (ت 255 هـ)، وابن طباطبا (ت 322 هـ)، وقدامة بن جعفر (ت 337 هــ). أمّا الفصل الثاني (تلقّي النصّ لدى عبد الكريم النهشلي)، فناقشت الباحثة فيه الميراث الشعري عند النهشلي، في حين تناولت في الفصل الثالث (تلقّي النصّ الشّعري لدى النقّاد المغاربة القدامى) مفهوم النقد لدى عدد من النقّاد على غرار أبو إسحاق الحصري القيرواني (ت 453 هــ)، وابن رشيق (456 هــ)، وابن شرف القيرواني (ت 460 هــ). وخصّصت الباحثة الفصل الرابع (التّلقّي العربي القديم بين المشارقة والمغاربة)، للحديث عن الفوارق بين المدرستين النقديتين، معتمدة على العديد من المصادر والمراجع.