شعر: متعب.. طير بلا ساقين
(متعبٌ)
متعبٌ
كمن يكنس الصحراء من صدره
وخائفٌ
مثل فرخِ طيرٍ سَقط من عشه...
مراوغٌ
كالذي يعبرُ نحو منفى الأمنيات
ولا يعبرُ منفاها سوى قلبه...
متعبٌ وخائفٌ ومراوغ...
متألمٌ
كمن ينزع خنجرَ صاحبهِ من ظهره
وملتاعٌ
مثلما صبيٍ فقد حبيبتهُ بعد القبلةِ الأولى!
مختنقٌ
كما الهواء داخل جدار الوقت...
متألمٌ ملتاعٌ ومختنق...
مصلوبٌ
كما هالةُ السواد حول عينه
متخمٌ
من أحلام الصِبا
ومتجاوزٌ
كجوعِ المعنى للتفاسير
مصلوبٌ ومتخمٌ ومتجاوز....
رقيقٌ
مثلَ ورقةٍ ابتلعتها آلة تصوير
هشٌ
كمشكاةِ الروح تنذرُ بانطفائها عند كل تنهيدة
مملٌ
كما شارعٍ لم توقفهما فيهِ القُبلة!
رقيقٌ وهشٌ وممل...
متوترٌ
كسجادةِ صلاةٍ نسيت فروضها
شائكٌ
مثل كل الطرق التي عبرناها ونعبرها ولا تزالُ تعبرُ من خلالنا...
مبهمٌ
مثل معنى أفقدهُ التفسيرُ سره...
وكما كُل المعاجمِ
متوترةٌ وشائكةٌ ومبهمة
تمضي بنا نحو الجدوى
ولا نصلُ معها أبدا إلى معنى...
(طير بلا ساقين)
مثل طيرٍ بلا ساقين
لا يحطُ في مكانٍ
ينامُ على عُشِ جناحيهِ
أبدًا يطيرُ...
مزدحمٌ بالأمنياتِ
كأنهُ عجوزٌ لا تعرفُ كيف داهمها الوقتُ
وصارت واهنة!
متكئٌ على الذكرياتِ
خاويًا منها
يؤرقهُ البدء
ولا يملكُ عيونًا تكفي لنهاية السباق...
قطٌ تسلل للغرفةِ
وصار قصيدةً تنامُ على دفء صدري
صدري الذي وزعتُ حنانهُ دون مقابلٍ
آن لي أن اشتري بهِ قميصا يواري سوءة ظلي
تبحرُ المرافئ نحو سفني
وكُلها غريقةٌ في بحر التجلي
لا أملكُ في الهوى سوى روحٍ متعبةٍ
وقلبٍ تناغيه النبضات...
أسيرُ ويتبعني ألمي
أسيرُ ويسبقني حُلمي
أسيرُ مأسورًا بفن المرايا كيف لها دون فنجانٍ أن تُبَصرَ التعب في شفتي؟
تُرهقني القصيدةُ
وكُل الذي لا يجبُ الإفصاحُ بهِ
وكلانا صدفةً سمعنا صوت المطر قُبِيل البدء
وذُبنا مثلِ الطين
لا يعرفُ متى صار تمثالا
لكنهُ تيقنَ من ذلك حين ذاب.
سعد الأحمد شاعر كويتي