افتتاحية
كانت الروائية جوخة الحارثي تستدعي تفاصيل التاريخ وهي تعبر المطار إلى قلب مدينة لشبونة البرتغالية، في تلك اللحظة عبرت أمامها صفحات كثيرة من مذكرات القائد البرتغالي البوكيرك ووثائقه المكتوبة قبل أكثر من أربعة قرون من الزمن حين رست سفنه في موانئ مسقط. لكن جوخة الحارثي كانت تحمل رسالة مختلفة عن تلك التي حملتها أساطيل البوكيرك رغم الذاكرة واستدعاءاتها، تقول جوخة الحارثي في مقالها في الملحق الذي حمل عنوان «اللقاء الثاني بالبوكيرك البرتغالي»: «نريد من الأدب أن يقربنا، أن يجعل البرتغاليين يفهموننا كما لم يفهمنا أو يُعنى بفهمنا قائدهم السّفاك الشهير». ورغم أن القادة العسكريين ظلوا لفترات طويلة ممجدين في البرتغال رغم التاريخ الكولونيالي الذي خلفوه إلا أن النقاش مفتوح الآن بشأن الماضي في البرتغال كما يؤكد مقال جوخة.
ينشر هذا العدد من الملحق، أيضا، حوارا مترجما مع الروائي سلمان رشدي يتحدث فيه عن روايته الجديدة «مدينة النصر» وعن الاعتداء الذي تعرض له مؤخرا في أمريكا. تعالج الرواية التي تدور أحداثها في «مدينة النصر» وهي مدينة مستوحاة من إمبراطورية «فيجاياناغارا» جنوب الهند موضوع حرية الدين والتسامح والمساواة. يبدو سلمان رشدي في الحوار متمسكا بالحياة ومتفائلا رغم أن الاعتداء الأخير أفقده إحدى عينيه ووضعه ثانيا في عزلة طويلة.. يقول رشدي: «يجب أن أعيش إلى أن أموت».
تكتب هدى حمد في هذا العدد عن رواية «تغريبة القافر» للكاتب زهران القاسمي التي حصلت مؤخرا على جائزة البوكر العربية. وتطرح هدى الكثير من الأسئلة حول الرواية التي تدور أحداثها في قرية «المسفاة» التي تتميز بتنوعاتها البشرية. تسأل هدى عن سالم بطل الرواية: «هل غرقه الأخير هو غرقه الأول؟، هل مادة حياته هي مادة هلاكه؟ هل ظلمة الفلج هي ظلمة رحم أمه؟ وهل المرأة التي أخذته إلى الغرق الأول هي المرأة التي أنجته من غرقه الأخير عبر حالة حلمية متداعية؟».
وفي مقال بمناسبة مرور مائة وخمسون عاما على وفاة رفاعة الطهطاوي يطرح الكاتب شعيب حليفي الكثير من الأسئلة حول التمدن والتحضر. لكنه يؤكد أن الأسئلة التي كانت تطرح في عهد الطهطاوي حول كيفية تجاوز التخلف المركب في عالمنا العربي ما زالت تطرح إلى اليوم.. لكن أهم الدروس التي يمكن أن نستشفها من قراءة فكر الطهطاوي هو درس الإرادة والأمل الذي لا نفقده أبدا خلال رحلة الوصول إلى لحظة الإمساك بحاضرنا ومستقبلنا عن وعي المسؤولية. فهل سنبقى ممسكين بذلك الأمل إلى أن تتجاوز الأمة تحدياتها؟
وإضافة إلى ذلك ينشر عدد هذا الشهر من «ملحق جريدة عمان الثقافي» الكثير من المقالات والنصوص والدراسات الفكرية والنقدية التي تعالج قضايا الراهن الإنساني وتحدياته.
يترجم حافظ إدوخراز عن الفرنسية مقال للكاتب الفرنسي فابيان تريكور بعنوان «كيف يلج الأطفال إلى اللغة؟» ويراجع حسن عبدالموجود رواية محمد عبدالنبي «كل يوم تقريبا» ليكتشف أن الراوي يكتب روايته بمساعدة الأشباح! ويترجم أحمد شافعي مقالا للروائية عائشة عبدالواحد بعنوان «أن تكون مسلما في أمريكا في عصر الرقابة الرقمية» وتكتب جاكلين سلام عن «فن الكتابة بالحواس.. الأدب الإنساني ما بين الإنجاز والتلقي».
كما يجد القارئ الكثير من المقالات الأخرى والنصوص السردية والشعرية ومراجعات الكتب النقدية. والتاريخية ومراجعة لفيلم سينمائي يعرض في هذا التوقيت في دور السينما في العالم.