الحياة الجديدة: انطلاقة الثورة قلبت السحر على الساحر
في زاوية الآراء كتب باسم برهوم، مقالا بعنوان: انطلاقة الثورة قلبت السحر على الساحر، جاء فيه:
تأسست حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» في الكويت في نهاية عام 1957 ومن اللحظة الأولى برزت كحركة وطنية فلسطينية مستقلة عن الانظمة والأحزاب العربية. ويمكن لأي متابع أن يكتشف أن أهمية فتح كانت وما زالت بأنها تنظيم فلسطيني ومن رحم الشعب الفلسطيني لا امتداد له سوى بين شعبه. والمتابع أيضا يكتشف مرتكزات فتح التي أساسها الاستقلالية والاعتماد على النفس والوحدة الوطنية وأن لا هدف لها سوى تحرير فلسطين. ولأنها كذلك عملت فتح بسرية تامة بعيدا عن أعين الأنظمة العربية وأجهزة مخابراتها، التي لم تكن معنية بفتح جبهاتها مع إسرائيل، بل كانت تقف ضد أي محاولة من هذا القبيل. وبالاعتماد على النفس حضرت فتح للانطلاق بالكفاح المسلح الى أن انطلقت بالثورة في الأول من يناير 1965.
لقد قلبت الانطلاقة السحر على الساحر، الذي اعتقد انه انتهى من فلسطين وشعبها، لتخلط الانطلاقة أوراق اللعبة من جديد وتعيد الشعب الفلسطيني الى دائرة الفعل ومن خلال ارادته الوطنية المستقلة. لقد شكلت الانطلاقة كتابة جديدة لتاريخ الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية، وأن كل المحاولات اللاحقة من الاستعمار والصهيونية والمتواطئين وحتى اللحظة هي محاولات لضرب هذه التحولات التي جاءت بها الانطلاقة ومن أجل إعادة احتواء الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الوطنية. ولعل آخر هذه المحاولات هي صفقة القرن والأطراف المنخرطة في تنفيذها.
لقد نهضت فتح عبر الثورة بالشعب الفلسطيني وحولته من شعب لاجئ الى شعب ثائر ومقاوم. لقد أعادت فتح فلسطين الى الخريطة، ومن جديد يصعب اليوم طمس هوية الشعب الفلسطيني، وأن كل المحاولات في هذا الإطار، سواء من داخل الشعب الفلسطيني أو خارجه قد فشلت.
صحيح أن الواقع الراهن هو في غاية الصعوبة، ولكن ما دامت فتح تتمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل، فإن الأمل يبقى قائماً بإمكانية تغير هذا الواقع. وعلينا أن نرى النصف المملوء من الكأس، تماما كما نرى نصفه الفارغ، فأي نظرة موضوعية ستلاحظ أن موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الصلب وموقف قيادة فتح بأنه هو وليس غيره من أفشل صفقة القرن، فما دام الشعب الفلسطيني يرفض الصفقة فإنها لن تمر، بالإضافة الى الانجازات الدبلوماسية على الساحة الدولية التي كانت آخرها مواقف وقرارات محكمة الجنايات الدولية، وإنجاز عزلة إسرائيل وواشنطن في الأمم المتحدة.
ان روح الانطلاقة ومبادئها وأهدافها وان فعلها لا يزال مستمرا، وبالرغم من كل المحاولات التآمرية، فان فتح لا تزال هي من يقود الشعب الفلسطيني وتمسك بقراره الوطني المستقل، وان منظمة التحرير لا تزال عصية على الاحتواء وإعادتها الى عهد الوصاية، وهذه العناصر هي الأساس للاستمرار بالنضال الوطني.