صدر حديثا: الداروينة: نموذجان من البحث العلمي المعاصر في الثقافة
صدر حديثا للكاتب عبدالله المعمري كتاب يحمل اسم «الداروينة» وهو عبارة عن ترجمة لدراستين أكاديميتين تتناولان التطور الثقافي، في الدراسة الأولى الصادرة في ٢٠١٢ يدرس تشالز بيرو تطور التقنيات الأركيولوجية باعتبارها ممثلاً للتطور الثقافي في مقابل تطور الشكل الحيواني، ويلجأ إلى وحدة قياس معروفة ابتكرها عالم الوراثة البريطاني جون هالدين في الأصل لحساب التغير الحيوي هي وحدة الداروينة، يستخدم بيرو هذه الوحدة كأساس للمقارنة بين التطورين: الثقافي والحيوي، بُغية الإجابة على الأسئلة التالية: هل تحدث التغيرات الثقافية بوتيرة أسرع من التغيرات الحيوية؟ وإذا كانت تحدث بوتيرة أسرع فما هو مقدار الفرق بين السرعتين؟ وما خصائص التطور الثقافي التي يمكن استخلاصها بالعموم.
أما الدراسة الثانية التي أجراها باتريك ليندينفورس وفريقه والصادرة في ٢٠١٥ فتقدم طريقة أكثر تعقيدًا ومردودية، وهي تتناول التغير الثقافي الذي طرأ على أساليب الطهي ومكوناته في شمال غرب أوروبا على مدى الثمانمائة عام الماضية، ويلجأ الفريق إلى استخلاص البيانات من كتب الطهي بدءا بمخطوطة يعود تاريخها إلى ١٢٠٠ ميلادية، وانتهاء بكتاب صدر في عام ١٩٩٩م، وقد مكنت الطريقة من عقد مقارنة متعددة الأبعاد بحيث يمكن رؤية أي العناصر تحصل له تغيرات، وكيف تحصل.
وفي حين أن الطريقة المقدمة في الدراسة الثانية تبدو أعقد بناءً وأغنى نتائج إلا أنها مبنية في الأساس على الطريقة التي ابتكرها تشالز بيرو قبل ذلك بأعوام، وهو ما يكشف عن طبيعة الجدل والتدافع المعرفي الذي يحدث حاليا في الأوساط العلمية. يوفر كتاب الداروينة الذي يقع في ٨٠ صفحة شرفة مطلة على الحراك الأكاديمي المعاصر حول الثقافة.