الموت أقدم عاصمة في التاريخ
عادل محمود -
المنتصر... أصدقاؤه كثيرون .
المهزوم ...أصدقاؤه حقيقيون.
في الأيام القليلة القادمة.. سيصدر كتابي بعنوان «الموت أقدم عاصمة في التاريخ». وهذا العنوان تحية رمزية لدمشق – أقدم عاصمة في التاريخ.
معظم نصوصه نشرت هنا في» شرفات». وأستأذن بنشر جزء من مقدمة الكتاب ، ومختارات منه.
يقال «إن الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب المشاركة فيها».
وفي الحرب يقال: «ليس هناك جندي غير مصاب». وفي الحقيقة لا يوجد حتى مدني لم تصبه الحرب بندبة ما، في جسد أو روح أو ذاكرة.
هذه النصوص مكتوبة في زمن الحرب لا عنها... في/ وعلى سورية، لا عن غبار مسارحها المتعددة... تفكيراً بالحياة ،لا بخنادقها... الحرب على بلد لم يكن يصدق ما قيل فيه: «بلد مؤلف من فائض الآلام»، ولكننا نحن أبناء الحرب ، عرفنا وصدقنا.
انها نصوص مكتوبة بارتباك اليقين، في محاولة الاقتراب مما هو باقٍ وغير قابل للاندثار، مهما بدت وحشية الحرب دليلاً على تشوه قلب الإنسان.
ـ 1 ـ
الرجل الذاهب إلى الموت شنقاً كان يتحدث عن السعادة. واختلطت في حديثة الفلسفة،بالخبرة، بالمعلومات، بآراء قديمة، وحديثة...كانت ثرثرة ممتعة عن السعادة من رجل لا تزيد رحلته إلى منصة الإعدام عن الوقت المخصص لصلاة أمام كاهن اللحظات الأخيرة.
عندما قيل له: «أنت ذاهب إلى الموت، فما هي السعادة التي تتحدث عنها...قال : «السعادة ألا يؤلمك الحبل كثيراً».
ـ 2 ـ
في إحدى روايات الكاتب التشيكي «ميلان كونديرا» يتذكر أن الرئيس الذي أتى به السوفيات إلى السلطة بعد ما سمي «ربيع براغ» ـ قام بتسريح 1500 أستاذ تاريخ من الجامعات. قيل، يومها لتفسير الحدث، انه أراد محو الهوية الوطنية من رؤوس الأجيال ليقبلوا هوية أخرى.
فأطلق عليه كونديرا لقب «رئيس النسيان»
ولكن نحن، كما قال محمود درويش... «ذاكرة للنسيان».
-3-
الكاتب الألماني «هرمان هيسه»، في كتابه عن الحرب ، هذا النص الذي مضى على كتابته ثلاثة أرباع القرن:
«أصدقائي الشبان
هناك تعبير يفزعني عندما أسمعكم تتلفظون به... ذاك التعبير هو «تحسين العالم».
يجب أن نتعلم كيف نكفّ عن الحكم حول ما إذا كان العالم طيباً أم شريراً ؟ ونتعلم كيف نكف عن الادعاء الغريب بأن أمر تحسينه في أيدينا.
لطالما شُجب العالم بوصفه شريراً لأن «الشاجب» كان نومه مضطرباً، أو أسرف في الأكل.
ولطالما مُدِحَ العالم بأنه جنة، وذلك لأن «المادح» كان قد أسعده تقبيل فتاة لتوه.
إن العالم لم يخلق ليحسن، ولا أنتم خلقتم ليطرأ عليكم تحسّن. أنتم خلقتم لتكونوا أنفسكم...
خلقتم لتغنوا للعالم...بصوت، بنغم، بظلّ...»