شرفات

السوري .. شخص مؤجل

09 يناير 2017
09 يناير 2017

عادل محمود -

- 1 -

تضع مؤسسة مياه «عين الفيجة» المشرفة على هذا النبع العظيم في وادي بردى، والذي يسقي عشرة ملايين إنسان ماء زلالا صافيا شافيا...تضع المؤسسة لافتات في لوحات الإعلان الطرقية، يؤلفها عادة كتاب دعاية ناجحون مثل:

«الماء أرخص موجود، وأغلى مفقود»، ولكن هذه اللافتة التي يرشحها اختصارها الناجح للشكر، ترشحها ملابسات الكارثة المائية التي تعيشها دمشق... للوم أيضا. وأيضا اللوم ذو الجملة الواحدة: أين هو الأمن المائي خلال ست سنوات من الحرب؟

الآن أصبحت معركة تحرير مياه الشرب في دمشق أصعب معركة يواجهها البلد. لأن المسلحين تحصنوا وتسلحوا واستعدوا، وخطفوا النبع الرهينة الأغلى ليوم الحساب الأخير...وقد جاء هذا اليوم.

إن تعطيش مدينة كدمشق...شيء لا يمكن وصفه، في أي لغة، وتحليل، واستنتاجات وتقديرات...إلا بكلمة واحدة: الهاوية لا قرار لها.

- 2 -

مثقفو المعارضة السورية بدأوا، عبر منابرهم السياسية المتعددة يغيرون اتجاه القبلة (المصلّى...وليس التبويس). وآخر بياناتهم الرسمية يتحدث، في نوع من النقد الذاتي، عن مجموعة «الأوهام» التي وقعوا ضحيتها. من هذه الأوهام:

وهم المراهنة على التدخل الخارجي لحسم المعركة مع النظام.

وهم إسقاط النظام بالصراع المسلح.

وهم المراهنة على جبهة النصرة.

وهم المناطق المحررة مع عدم القدرة على حمايتها وإدارتها.

وهم المراهنة على الانقسام الطائفي والاحتراب في المجتمع السوري.

وهم التمثيل وذلك بتعدد المنصات: المجلس الوطني. الائتلاف الوطني، الحكومة المؤقتة، الهيئة العليا للمفاوضات.

وأخيرًا وهم سقوط النظام في الضربة القاضية بالمعارك الكبرى وآخرها «ملحمة حلب» التي انتهت بمجزرة حلب ورحيل كل المسلحين عنها.

الغريب والطريف أن التسمية الحقيقية الجديرة بكل هذه الأوهام هي... وهم أيضا.

المثقفون، أحيانا، ليسوا البوصلة، وإنما أدلاء التيه.

- 3 -

والآن ...هذه مائيات هذا الأسبوع، آخر حديث عن الظمأ.

- كل شيء متوفر بكميات قليلة: الماء والسعادة.

- تفوق الماء على المازوت بالأسعار. هذا رد اعتبار... فالماء نظافة والمازوت تلوّث.

- المشي دواء المقعدين ورياضة الفقراء، ولكنه يسبب العطش.

- ما زال في جيبي محارم ورقية لتمسيح خدّ الزمن.

- في انتظار الانتصار على العطش... تجد إلى جوارك مهزومي الجوع...أنتما في صف واحد أمام الحنفية.

- لا تقتل طائرا يشرب ولا ضبعا يشرب، ولا تعظ أشخاصا عطشانين.

- كان هذا البيت يحمل معنى مجازيا:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

وصار له معنى حقيقي: الماء في شوارع دمشق والحنفيات جافة.

- العطش أحد «العارات» السبعة.

- الحرب «الثورة» أتت ليس لتحقيق المفقودات، وإنما لتدمير الموجودات.