فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
شخص كان على سفر فأفطر، وعندما لم ينته اليوم رجع إلى بلده وأكمل فطره، فماذا عليه؟
- الصحيح أنه لا شيء عليه، لأنه قد أفطر يومه ذلك فصار مفطرا، وقد كان فطره لعذر وهو السفر، فإن رجع إلى وطنه فلا وجه لأن يطلب منه أن يمسك، لأنه هو مفطر حكما وحقيقة، وقد ترتب عليه لزوم القضاء، فلا وجه لبقائه ممسكا، وقد روي مثل هذا عن الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه، وإن فهم من كلام كثير من الفقهاء أنه عليه أن يمسك عن الطعام، فإن قولهم هذا يحمل على أنه لا يضع نفسه في موضع تهمة، وأما في الحقيقة فهو مفطر، والله تعالى أعلم.
هل اعتزال الأهل من جهة الأم ومن جهة الأب عقوق، مع العلم أنني لست اجتماعية، ولا أحب التجمعات ولا الزيارات ولا الاتصالات لما يدور في تلك الجلسات من أحاديث لا أقبلها؟
- لا أعرف كيف سيكون العقوق إن لم يكن هذا من العقوق، فإن كانت مبتلاة بشيء من الأمراض التي تمنعها من التواصل مع أقاربها ومع الآخرين، وتجد نفسها أقرب إلى العزلة والانفراد، فعليها أن تلتمس العلاج لهذا البلاء الذي أصيبت به، وصحيح أنه ينبغي ألا تترك الزيارة وتفقد الأحوال بين الفترة والأخرى، ولكن إلى أن تزول عنها هذه المخاوف وأن تنفي عنها هذه الوساوس لأنها تقول: إنها لما يدور فيها من أحاديث، ففي هذه الحالة لتحضر وتشهد زيارة ذوي قرباها، مع أدائها هي لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع تنبيه من تزورهم إلى ما هو خير لهم وأنفع في أمر دنياهم وفي أمر دينهم، ولتوجه هي الحديث إلى ما ينفعهم، وإن بدرت بادرة من البعض فيها ما يسخط الله تبارك وتعالى فإنها تؤدي واجب البيان والنصح، والتوصية بالحق، لا أن تعزل نفسها، ومع ذلك فإن صلة الرحم يمكن أن تتحقق ولو في حدها الأدنى بالاتصال أو بإرسال الرسائل، أو إرسال هدية، أو المحادثة من خلال الهواتف الآن، فلها وسائل عديدة، لا أقول إنها تغني، لكنها يمكن أن تحقق ولو الحد الأدنى من الصلة والبر بالأرحام والقيام بحقوقهم، ويخشى على من يترك زيارة رحمه وتفقد أحوالهم أن يبتلى بكثير من الأمراض والوساوس ويبلغ حد الانفراد الذي هو ليس من شيم هذا الدين ولا من صفاته، ونحن نجد الكثير من الشعائر الدينية تستحضر معنى الاجتماع والتآلف والتقارب، ولهذا حث هذا الدين الحنيف على صلة الرحم وعلى أداء حقوق الجيران، وعلى تفقد أحوال المرضى والمعوزين، وصلة من لهم على الإنسان حق، فهذا دين يقوم على المروءة والخلق الحسن، وعلى المشاركة الاجتماعية وعلى بناء لحمة المجتمع على أسس متينة من التماسك والتعاطف والتراحم، فإذا انعزل الفرد لا يتحقق له ذلك، فلهذا يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» هذا في عموم المسلمين، فكيف بمن له حقوق أعظم وهم من ذوي القربى والرحم، هؤلاء أولى بالصلة والزيارة وتفقد الأحوال والله تعالى أعلم.
فيمن سولت له نفسه مشاهدة مقطع محرم ثم ندم على ذلك ندما شديدا لكن تلك المشاهد تأتيه إلى ذهنه بين فترة وأخرى، كيف يتخلص منها؟ وهل يؤثم على إتيانها إلى ذهنه باستمرار؟
- هو لا يأثم إن كان يدفعها عن نفسه، ولا يسترسل بالتلذذ في ذكراها، وبما يتخيله منها، فعليه أن يجاهد نفسه، وأن يدفع هذه التخيلات التي تأتيه، ولا يظنن ظان أن التوبة والإنابة إلى الله تبارك وتعالى لا تحتاج إلى مجاهدة نفس، فهي ليست مجرد كلمة باللسان تقال وإنما التوبة تبدأ بانكسار القلب والندم على ما فرط فيه العبد في حق ربه تبارك وتعالى ثم بالعزم على ألا يرجع إلى مثل ذلك الفعل، فإذا اجتمعت له هذه العوامل القلبية المعنوية فإن عزيمته تقوى، ويجد من نفسه مقاومة لما يمكن أن يستزله إليه الشيطان بأن يذكره بما رآه أو بما شاهده مما يسخط الله تبارك وتعالى، ولكن عليه أن يجاهد نفسه وأن يدفع هذه الوساوس، وأن يستعين بالله تبارك وتعالى والله عز وجل يقول: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا» فليفزع إلى أمر خير، إلى الصلاة، أو إلى رفقاء صالحين، أو إلى ذكر الله تبارك وتعالى، أو إلى أن يقوم بعمل بدني أو بقراءة أو عمل نافع أو يعين والديه في البيت، فلا يترك هذه الوساوس تسيطر على نفسه وتغلب عليها، فإن ذلك يمكن أن يكون مزلة قدم عياذا بالله، والله تعالى المستعان.
نحن طلبة مبتعثون إلى المملكة المتحدة، نعتمد على الإمساك والإفطار وتواقيت الصلاة على تقاويم المساجد وهي كثيرة ولله الحمد، ولكن نجد هناك فارقا كبيرا في دخول وقت الفجر خاصة بين توقيت مسجد وآخر، وهما لا يبعدان عن بعضهما الكثير، فمثلا توقيت صلاة الفجر يكون في الساعة 3:55، في حين دخول الفجر في مسجد آخر الساعة 4:40، بأي تقويم نأخذ؟
-خلاصة الجواب أنه في عموم المدن البريطانية حالها لا يختلف عن القواعد المتبعة في ضبط العلامات الشرعية لأوقات الصلوات، فإن هناك مواقيت للصلوات كما هو معلوم، وهذه المواقيت ضبطت بعلامات فلكية، فصلاة الفجر علامتها دخول الفجر الصادق، حينما تكون الشمس في الأفق الشرقي منخفضة عنه بقدر 18 درجة، هذا هو الأعدل، فليعول على التقويم الذي يعتمد على المرصد الفلكي الذي يصدر مواقيت الصلاة بناء على هذا المعيار والله تعالى أعلم.