يوم عبور الإعصار
تعيش محافظة ظفار هذا اليوم تجربة صعبة في مواجهة الإعصار المداري «تيج» الذي ينتظر أن تصل قوته إلى الدرجة الرابعة على سُلّم قياس الأعاصير المكوَّن من خمس درجات، وهي درجة تصل فيها سرعة الرياح إلى حوالي 280 كيلومترا في الساعة إضافة إلى كميات كبيرة جدا من الأمطار التي تتسبب في جريان الأودية بشكل جارف جدا. ورغم أن التوقعات الرسمية تشير إلى عبور الإعصار من منطقة «الغيضة» في جمهورية اليمن الشقيق وتحوّله إلى عاصفة مدارية قبل أن يلامس اليابسة فإن جدار الإعصار سيبقى مؤثرا بشكل كبير في الكثير من ولايات محافظة ظفار وخاصة المنطقة الغربية، ما يعني أن على المواطنين أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر، سواء بقيت التوقعات كما هي أم تغيّرت بتغيّر حركة الإعصار الذي تتجاذبه العوامل المؤثرة والمشكِّلة لقوته وضعفه وحركته باتجاه اليمين أو اليسار.. والحالة المدارية أيا كانت قوتها وأيا كان مسارها باعتبارها «كارثة طبيعية» لا يمكن وقفها ولكن يمكن الحد من تأثيراتها القوية على أقل تقدير.
وفي مواجهة السيناريوهات المتوقعة للحالة المدارية تقوم اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة بجهود كبيرة جدا في الميدان من أجل تنفيذ الخطط المعدة للتعامل مع مثل هذه الحالات وفي جميع الجوانب. وكان واضحا اليوم أن جميع اللجان تعمل بتكامل كل في ميدانه للوصول إلى تحقيق الأهداف المنتظرة.. وفي مقدمتها حماية الأرواح من أي خطر خلال مرور الحالة المدارية، وتوفير جميع المستلزمات الضرورية التي قد يحتاجها الناس خلال أو بعد مرور الإعصار. وقد اكتسبت سلطنة عمان خبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه الحالات وتحوّلت خبرتها المتراكمة إلى ما يمكن أن نعتبره «بيت خبرة» في إدارة الحالات الطارئة.
لكن هذا الجهد لا يمكن أن يكتمل دون الجهد المجتمعي. وقد مرّت على محافظة ظفار عدة حالات مدارية خلال السنوات الماضية وعرف الناس عن قرب ماذا يعني مرور «حالة مدارية» عليهم، وماذا يعني الإعصار، ومحافظة ظفار مثلها في هذا الوعي مثل بقية محافظات سلطنة عمان التي تأثرت خلال السنوات الماضية بعواصف وأعاصير مدارية سابقة.
ولمّا كانت الأرواح هي أغلى من تسعى جميع الفرق الميدانية للحفاظ عليها خلال هذه الأنواء فإن من المهم أن يمتثل الجميع للتعليمات الصادرة من جهات الاختصاص وعبر ذلك يمكن تحقيق هدفين مهمين: الأول حماية الأفراد من الخطر الذي تصل درجته إلى فقد الأرواح، والثاني: إعطاء فرصة لفرق الإنقاذ للقيام بعمليات الإنقاذ الأصعب دون أن تُشغل بعمليات إنقاذ المتهورين.
ولذلك تحقيقا لحماية الأرواح وتوجيه الجهود التي تبذلها قوات الدفاع المدني فإن الأمل بأن يلتزم الجميع بالتوجيهات سواء في البقاء في المنازل الآمنة أو الخروج إلى مراكز الإيواء التي حُدّدت وجُهّزت بكل المستلزمات المطلوبة خلال الحالات الطارئة.
حفظ الله عُمان وشعبها من كل مكروه.