No Image
رأي عُمان

هل تضعف مواقف بايدن من حرب غزة فرصته الانتخابية؟!

28 فبراير 2024
28 فبراير 2024

يتساءل الكثير من المعلّقين السياسيين الذين يتابعون عام الانتخابات الأمريكية عن تداعيات الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي.. وما إذا كانت ستنهي الحياة السياسية للرئيس الأمريكي قبل نهاية الحياة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو.

ويبدو أن البيت الأبيض بات يدرك أن مواقف بايدن من الحرب قد تؤثر سلبا في رحلته الانتخابية، ما أظهر مواقف الولايات المتحدة وكأنها متذبذبة، ففي الوقت الذي تتمسك فيه بدعم كامل لإسرائيل فإنها في المقابل تبحث عن تبييض صفحتها في الكثير من المناسبات عبر التحذير من المساس بالمدنيين رغم أن الحرب أنهت حياة أكثر من 30 ألفًا منهم حتى الآن!

على أن أحد أسباب تذبذب مواقف بايدن يعود إلى معرفته بحجم تأثير اللوبي الصهيوني في أمريكا على سير الانتخابات.

في البداية، كان رد فعل بايدن على حرب غزة واضحًا جدًا وبلا حدود، وشمل تقديم مساعدات عسكرية ووجودًا دبلوماسيًّا، ما يرسخ التحالف الأمريكي القائم مع إسرائيل. لكن هذا الموقف لم يخلُ من الجدل في الكثير من الأوقات خاصة عندما يكون الموقف عبارة عن خطاب دبلوماسي ويكون سياقه الحديث عن الضحايا المدنيين الأمر الذي كشف عن حساسية وضع بايدن الشخصي قبل وضع الإدارة الأمريكية.

وأظهر الرأي العام في الولايات المتحدة تحولات كبيرة منذ بداية الحرب، ففي الوقت الذي كان الجمهوريون يقفون مع موقف أمريكا الداعم لإسرائيل، فإن المشاعر بين الديمقراطيين كانت أكثر ميلًا نحو اتخاذ موقف محايد خاصة عندما تعلّق الأمر بأعداد الضحايا من المدنيين. ويسلّط هذا الاختلاف في الرأي الضوء على التأثير المحتمل للحرب على وجهات نظر الحزبين فيما يتعلق بالولايات المتحدة وإسرائيل.

وواجه بايدن الكثير من التحديات بين السكان الأصليين. وتشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض في معدلات تأييده، ولا يُعزى ذلك إلى القضايا المحلية مثل الاقتصاد فقط، ولكن إلى مواقفه في السياسة الخارجية، بما في ذلك موقفه/ تعامله مع الحرب الإسرائيلية على غزة. ويتجلّى هذا التراجع بشكل خاص بين الناخبين الشباب والملونين كما تقول التقارير، الذين أظهروا استياءً أكبر من إدارة بايدن لهذه القضايا مقارنة بالرئيس السابق ترامب. ويمكن أن يفهم عدم الرضا في الولايات المتأرجحة، حيث تؤثر التحولات الصغيرة في ولاءات الناخبين ويمكن أن تؤدي إلى نتائج انتخابية مهمة.

كما أدّت سياسات بايدن إلى ردود فعل عنيفة ملحوظة بين الأمريكيين العرب، وخاصة في ولاية ميشيغان، وهي ولاية رئيسية في ساحة المعركة. وزادت الحرب من المخاوف بشأن الحقوق الفلسطينية، وهي قضية تهمُّ جميع الأمريكيين العرب. وقد أدّى ذلك إلى انتقادات واسعة النطاق لسياسات بايدن وتراجع الدعم بين هذه الفئة الديموغرافية، مما قد تكون له آثار على إقبال الناخبين وتفضيلاتهم في الانتخابات المقبلة.

على المستوى الدولي، كانت دعوات بايدن إلى «وقف مؤقت» للقتال بمثابة تحوُّل في موقف أمريكا، على الرغم من استمرارها في دعم «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». وقد أدى هذا الموقف إلى زيادة الضغط من مختلف الجهات، بما في ذلك نشطاء حقوق الإنسان والعناصر التقدمية داخل الحزب الديمقراطي، مما يسلط الضوء على التوازن المعقّد الذي يواجهه بايدن في معالجة الحرب على غزة مع الحفاظ على التحالفات الاستراتيجية.

كل هذه التداعيات من شأنها أن تؤثر كثيرا في مسيرة بايدن نحو انتخابات شهر نوفمبر القادم.. وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه من التذبذب والتعقيد في فكّ الارتباطات بين السياسي والإنساني فإن حظوظ بايدن ستكون على المحك في الانتخابات القادمة حتى لو كان خصمه فيها هو ترامب الذي لا تخلو مسيرته هو الآخر من مصاعب وتحديات جمة.