مكبرات الصوت ليست ركنا من أركان الصلاة !
يثار جدل في وسائل التواصل الاجتماعي حول تفعيل قرار سابق يمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد لغير رفع الأذان. ورغم أن القضية لا علاقة لها بالجانب الديني أو الجانب الاجتماعي أبدا، بمعنى أن منع استخدام مكبرات الصوت لغير رفع الأذان لا يفسد الصلاة أو سائر العبادات الأخرى التي تقام في المساجد، ولا يمس القيم الاجتماعية، إلا أن الموضوع حمّل دلالات دينية واجتماعية لا يستطيع أن يحتملها بحكم منطق الأشياء وبحكم النصوص الدينية نفسها. فهدف مكبرات الصوت هو التبليغ بدخول وقت صلاة من الصلوات وهذا يتحقق عمليا برفع الأذان، ويتحقق اليوم، أيضا، بطرق حديثة موجودة في تطبيقات الهواتف النقالة وما بها من منبهات خاصة بدخول وقت الصلوات.
والغريب في الأمر أن هذا الجدل يثار رغم أن الجهة المعنية بالقرار هي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي يمكن أن نعدها -تجاوزا هنا- «المؤسسة الدينية»، ويعزز هذا الأمر فتوى كان قد أصدرها سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان رغم أن الأمر أوضح بكثير من أن يحتاج إلى فتوى، وأفتى في الأمر الكثير من علماء الدين الذين سئلوا عن منع مكبرات الصوت وقالوا رأيهم المنطقي في القضية.
ويمكن مقاربة الأمر عبر طرح السؤال الآتي: لماذا نحتاج إلى مكبرات الصوت؟ نحتاجها في حالة رفع الأذان إلى تبليغ الناس بدخول وقت صلاة من الصلوات. ولماذا نحتاجها في الصلاة؟ يتفق الجميع أن مكبرات الصوت لا تضيف شيئا للمصلين، وفي حالة أن المسجد كبير أو مكتظ بالمصلين كما هو الحال في صلاة التراويح أو الجمعة فيتم استخدام مكبرات الصوت الداخلية.
لكن إذا كنا على يقين أن استخدام مكبرات الصوت لغير رفع الأذان لا يفسد الصلاة فإن عدم استخدامها أيضا لا يفسد الصلاة ولا أحد، في الحقيقة، يقول بذلك، على أن كثرة المساجد اليوم في الحي الواحد وتقاربها من بعضها البعض وعدم التزامها بمعايير ضبط أصوات المكبرات الصوتية يجعل قرار المنع أولى بكثير من السماح، وأكثر روحانية.
على أن هناك الكثير من القضايا التي تستحق أن يستغرق فيها الناس الكثير من الوقت لمناقشتها والوصول فيها إلى حلول جذرية أكثر من استغراق الوقت في نقاش هل نستخدم مكبرات الصوت أو لا نستخدمها وهل منعها حلال أم حرام؟!
وهذا النقاش يعيد الناس إلى النقاش الذي دار لحظة البدء باستخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان وفي الصلاة قبل عقود طويلة، حيث كان طرح الأغلبية أن استخدامها فيه بدعة ليست من الدين!