معرض الكتاب وبناء أجيال المستقبل
يشكل طلاب المدارس شريحة كبيرة من زوار معرض مسقط الدولي للكتاب، سواء عبر الزيارات الصباحية التي تنظمها المدارس للمعرض أو عبر الزيارات التي تنظمها الأسر لأبنائها في الفترة المسائية أو خلال نهاية الأسبوع. ويقتني الكثير من الطلاب مجموعات لا بأس بها من الكتب وإن كانت تحدث عند البعض دون تخطيط مسبق ولكن الممارسة نفسها تستحق أن يبنى عليها لربط الأطفال بالكتاب خلال هذه المرحلة العمرية.. أما الزيارات التي تكون برفقة الأهل تكون أكثر تنظيما وإشرافا من قبل الأبوين، وهي ممارسة تستحق التكريس لأنها تنطلق في المقام الأول من فكرة القدوة حينما يرى الطفل أبويه مشتغلين بالكتب بحثا عنها في أجنحة المعرض أو قراءة لها في المرحلة التي تلي المعرض وتستمر حتى المعرض القادم في بعض الأحيان. إن فكرة عزوف الأجيال الشابة عن قراءة الكتب لا تخلو من الدقة في العموم ولكنّ التسليم بها باعتبارها واقعا لا مفر منه تزيد المشكلة وتعقدها، والأسلم في مثل هذه الحالة أن تستغل مثل هذه المناسبات الثقافية التي تحتفل بالكتاب في إشراك مختلف الأجيال في المناسبة وجعلهم يشعرون أنهم جزء حقيقي منها، وأن اقتناء الكتاب في هذه المناسبة أمر أشبه بالعمل المقدس، أو هو فعلا مقدس لا بدّ منه، ولا بأس أن يبذل الطفل أو اليافع في البحث المسبق عن الكتب التي يريد شراءها حتى يشعر أنه صاحب قراره وأنه يقوم بفعل هو صاحبه وليس مفروضا عليه من أحد.
ومعرض مسقط الدولي للكتاب من بين أهم المعارض التي تحتفي بالأطفال واليافعين سواء كان ذلك عبر ربطهم بالمعرض من خلال تخصيص أجنحة خاصة لهم تعرض كتب الأطفال أو عبر تنظيم الكثير من الفعاليات التي تستطيع اجتذاب الأطفال والاعتناء باهتماماتهم.
وفي الحقيقة لا يمكن أن نتصور مجتمعا متقدما وواعيا دون أن يكون ملتصقا بالقراءة، والقراءة الجادة، سواء كانت تلك القراءة عبر الكتاب الورقي أم عبر الكتاب الإلكتروني، فالمهم في الأمر المحتوى وليس الوسيلة. وإن كان الطفل يمكن أن يرتبط بالقراءة عبر الوسائط الجديدة التي تسهل قراءة الكتاب الإلكتروني ولا بد من دعم الفكرة قدر الإمكان؛ فالنتيجة أهم بكثير من الوسيلة في هذا الأمر.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أن المشهد الذي يقدمه معرض مسقط الدولي للكتاب عندما يخرج الأطفال واليافعون وهم محملون بالكتب، أيا كان نوعها، يبشر بالكثير من الخير في المرحلة القادمة، وإن كان من فضل في هذا الأمر فإن جزأه الأكبر يعود إلى مشروع معرض الكتاب منذ بداياته الأولى ومنذ أن بدأ يضع الأطفال ضمن خريطة طريقه لبناء جيل قارئ وواعٍ بمتطلبات المستقبل.