قمة عمان للهيدروجين.. البداية نحو الحياد الصفري
يعيش العالم اليوم حالة زخم كبير في موضوع التحولات التي يشهدها المناخ في العالم وما يصاحب تلك التحولات من أخطار تهدد كوكبنا الصغير.. وتركز حالة الزخم العالمي على موضوع انبعاثات الغازات الدفيئة وبشكل خاص الانبعاثات الكربونية التي تسببت عبر التاريخ في رفع درجات حرارة الكوكب والكثير من التغيرات في ميكانيكية بناء الأعاصير وحركة الرياح ومساحات سقوط الأمطار.
ويمكن مراقبة هذا الزخم من التحولات التي تشهدها سياسات الدول الكبرى وكذلك الاقتصادات الكبرى والناشئة التي تسعى جاهدة لمواكبة سياسة «الحياد الصفري» الذي حدد العالم أجمع موعدا له في عام 2050. لكنّ هذا الموضوع لا يتحقق بالدعاء والأمنيات وإنما يحتاج إلى عمل ضخم جدا يتحول فيه العالم من اقتصاد أحفوري إلى اقتصاد أخضر صديق للبيئة. ورغم سهولة المصطلحات أحيانا إلا أن تطبيقها أقرب لأن يكون ضربا من ضروب المعجزات.
لكن وسط هذه التحولات التي باتت في حكم الواقع بالنظر إلى السياق السياسي الدولي وكذلك السياق الاقتصادي؛ وسط كل هذا هناك ما يمكن تحقيقه في مجال الاستثمار في مشروعات الطاقة البديلة «الخضراء»، والذي يستطيع النجاح اليوم في هذه الاستثمارات يستطيع أن يضمن موقعا مرموقا في اقتصادات المستقبل.
وتنطلق في سلطنة عُمان اليوم «قمة عُمان للهيدروجين الأخضر» التي يشارك فيها متحدثون من مختلف دول العالم حول اقتصاد واستراتيجية الهيدروجين الأخضر بوصف سلطنة عمان أحد أهم مراكز الاستثمار في الهيدروجين الأخضر في العالم، وهذا أحد طموحات رؤية عمان 2040 نظرا لتوافر كل مقومات إنتاج وتسويق الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان. وتناقش القمة الاستثمار في هذا القطاع المهم، وعرض الشراكات الدولية للاستثمار في هذا القطاع الواعد.
وبعيدا عن الخوض في جدلية مستقبل الطاقة الأحفورية خلال العقود القادمة فإن التراخي عن استغلال طاقة الهيدروجين الأخضر الذي نستطيع في سلطنة عمان أن نكون أبرز منتجيه في العالم مستغلين المزاج العالمي لاستهلاكه؛ لا يمكن أن يكون مبررا. وفي الحقيقة فإن سلطنة عمان تسعى بكل السبل لأن تكون في مقدمة مصدري هذا النوع من الطاقة، وهناك تحول حقيقي نحو بناء اقتصاد يركز على طاقة الهيدروجين عبر إصدار قوانين وتشريعات تنظم القطاع وتوفير تسهيلات استثمارية وقبل كل هذا إرادة سياسية حقيقية لبناء شراكات استثمارية في القطاع. وكانت سلطنة عمان قد دشنت الشهر الماضي الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم نحو خطة الحياد الصفري، وخصصت مناطق امتياز لبناء مشروعات الهيدروجين الأخضر على مساحة 50 ألف كيلومتر مربع. وتتوقع سلطنة عمان أن يكون حجم الاستثمارات المتراكمة في هذا القطاع حتى عام 2050 نحو 54 مليار ريال عماني.
ولذلك ليس غريبا أن تكون قمة عمان للهيدروجين الأخضر ستكون تحت أنظار المستثمرين في العالم وبشكل خاص من الدول الأوروبية التي تعدّ أحد أبرز المناهضين اليوم للطاقة الأحفورية رغم أنها أحد أبرز مستخدميها وأحد أبرز المتضررين من تقطعاتها سواء كان ذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية.