عن صمود سوريا في وجه المؤامرات الكونية
هل يتحمل العرب جزءا مما حدث ويحدث في سوريا؟!
رغم أن هذا السؤال كان أوانه قبل عقد من الزمن عندما تخلت الكثير من الدول العربية عن سوريا وتركتها تواجه مصيرها وحدها في وجه منظمات وحركات عالمية وجماعات إرهابية تدعمها قوى عظمى، بأموال عربية في الغالب، هدفها إضعاف الدولة السورية وتشظيتها وتفتيتها من الداخل في سياق مسلسل تفكيك العالم العربي الذي بدأ عمليا في عام 2003 بالاحتلال الأمريكي للعراق. وبدل أن تقف الدول العربية والجامعة العربية صفا واحدا لدعم سوريا والدفاع عن وحدة أراضيها صوتت الكثير منها على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وكأن سوريا تستمد عروبتها من عضويتها في الجامعة العربية لا من ترابها العربي وتأريخها وجذورها العربية الضاربة في الأعماق.
واليوم ونتيجة لكل ما حدث لا تتورع إسرائيل، المستفيد الوحيد مما حدث ويحدث في سوريا، من قصف أحياء سكنية وسط العاصمة دمشق بالصواريخ لتفاقم المأساة السورية في وقت لا تنقل وكالات الأنباء أي بيانات إدانة في حق الغارات الإسرائيلية التي تنتهك سيادة دولة عربية، ولو على سبيل المجاملة الدبلوماسية.
وإذا كان العقد الماضي من الزمن العربي الملتبس قد شهد الكثير من العجائب تحت مسمى «الربيع العربي» وفي سياقه فإن الصورة أصبحت اليوم أكثر وضوحا سواء للقيادات السياسية في العالم العربي أو حتى للجماهير العربية التي اعتقدت أن أحداث ما سمي «بالربيع العربي» فيها خلاص لتحديات الأمة العربية وقفز آمن فوق حالة الانسداد الحضاري التي عاشتها الأمة لعقود طويلة.
وصمود الدولة السورية في وجه كل التحديات الكونية والمؤامرات التي حيكت حولها طوال العقد الماضي دليل واضح على قوة الدولة وتماسكها الداخلي ووضوح الرؤية لدى مؤسساتها التي بقيت مخلصة للأرض وللتاريخ وللإنسان الذي تمسك بأرضه ووطنه.
إن الوقت قد حان لعودة العرب إلى سوريا، والمساهمة في استقرارها وتعميرها فقوة سوريا واستقرارها قوة للأمة العربية.
ومن بين النماذج التي تستحق أن تتبناها الدول العربية في علاقتها بسوريا نموذج سلطنة عمان التي رفضت التصويت على قرار تعليق عضوية سوريا. على أن هذا القرار ليس أهم ما قامت به سلطنة عمان طوال العقد الماضي، ومنطلق كل ذلك عائد إلى مبادئ عُمان تجاه الدول العربية جمعاء.. ولقد بقيت سفارة سلطنة عمان مفتوحة في دمشق طوال السنوات الماضية وبقي علمها يرفرف دليلا على التضامن العماني مع سوريا في كل المحن التي مرت بها.. وهذا التضامن ما زال مستمرا مع سوريا ومع غيرها من الدول العربية التي لا تملك أي منظمة حتى لو كانت الجامعة العربية أن تنزع عنها عروبتها وتجردها من تاريخها العربي المشرف.
والآن يتضح جليا أن أكبر ما في أزمة سوريا وفي التحديات التي مرت بها وهو ما جعل إسرائيل تتجرأ عليها هو «العقوق» العربي الذي آن له أن ينتهي ويتداعى أمام صمود سوريا ووضوح المؤامرات التي تحاك ضدها.