عن الزمن العماني في المكان الزنجباري
لا يمكن اختصار ما بين عُمان وزنجبار في كلمة «علاقات» حتى لو تبعها وصف بأنها «تاريخية» أو«راسخة»، ما بين عُمان وزنجبار أكبر بكثير من كل هذه التوصيفات التي تفصل الزمان عن الزمان والمكان عن المكان. ما بين عُمان وزنجبار تتماهى فيه تجليات الزمان وحدود المكان، تصبح الامتدادات واحدة والتاريخ واحدا والإنسان واحدا في مسيرة بنائه للحضارة التي يمكن أن نصفها بالقول إنها «الحضارة العمانية»، والقول هنا ليس على سبيل المبالغة أو الاستعارة إنها الحقيقة التي يؤكدها الحضور الإنساني وتؤكدها المعالم الشامخة والآثار التي لا يمكن تجاوزها والمدونات التاريخية المتناثرة في كل أرفف وأضاميم الحارات في زنجبار.
ورغم الأحداث والتحولات التي شهدها العالم أجمع في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته وما تلاه من سنوات أخر إلا أن كل شيء بين عُمان و«زنجبار» ما زال يحمل الروح نفسها، ليس فقط روح التاريخ الذي آمنّا أنه واحد ولكنه تشابكات اللحظة في بعدها الثقافي والاجتماعي، وسرعان ما تجاوز الجميع لحظات التاريخ الملتبسة وعاد التماهي إلى حقيقته والزمان إلى مسيرته.
وما زال العمانيون إلى الغد يشكلون مكونا مهما جدا من مكونات زنجبار، وما زالت ثقافتهم العربية الأصيلة التي رسخها الزمن العماني حاضرة هناك، وتكاد أن تشكل أغلب معالم الثقافة الجمعية للمجتمع الزنجباري.. فجزء من تاريخ عُمان مرتبط ارتباطا أساسيا بالزمن الزنجباري، سياقا سياسيا وثقافيا ومعماريا ومنجزا فكريا وأدبيا وثقافيا، حتى التحولات التاريخية في سياق التاريخي العماني التي شكلت بعض مسارات المستقبل كانت مرتبطة بشكل أساسي بالمكان الزنجباري.
لذلك فإن ما بين سلطنة عُمان اليوم وبين زنجبار أكبر من فكرة «العلاقات» التي عادت ما تتحدث عنها السرديات التاريخية أو السياسية. فلا غرابة أبدا أن تكون الإرادة قوية اليوم بين القيادتين من أجل تعزيز امتدادات الحاضر بالماضي، والحفاظ على ذلك المنجز الحضاري الذي أبدعه العمانيون في زمنهم المرتبط بالمكان الزنجباري.