عُمان مستعدة.. والرهان على الوعي المجتمعي
الكوارث الطبيعية قدر لا مفرّ منه، فلا قوة، إلا قوة الله عزّ وجل، تستطيع أن توقف إعصارا يأخذ طريقه باتجاه اليابسة، ولكننا نستطيع أن نقلل الخطر الناجم عن الحالات المدارية وغيرها من الكوارث الطبيعية إذا ما تعاملنا معها بشكل علمي ومدروس على المستويين الرسمي والشعبي. واكتسبت سلطنة عمان المطلة على بحر العرب الذي يعرف، عبر التاريخ ببحر الأنواء المناخية، الكثيرَ من الخبرة في التعامل مع الحالات المدارية، وأصبحت تملك خبرة إقليمية في مجال إدارة الحالات الطارئة ما جعل الخسائر التي تسببها الحالات المدارية التي تمر بعُمان عند الحد الأدنى، بفضل الله ومنته.
واليوم تترقب سلطنة عمان بكثير من القلق ولكن بكثير من الإيمان والاستعداد، بدء تأثيرات الحالة المدارية التي حملت اسم «تيج» على محافظة ظفار وأجزاء من محافظة الوسطى، وإذا كانت المؤسسات المعنية بقيادة المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة قد أكملت استعداداتها في محافظة ظفار للتعامل مع الحالة المدارية ومع الآثار التي ستنتج عنها إلا أن التحدي الكبير دائما يتعلق بوعي المجتمع في التعامل مع مثل هذه الحالات الخطرة. ولعلّ التجارب السابقة سواء في محافظة ظفار أو غيرها من محافظات سلطنة عمان الأخرى قد ساهمت في بناء وعي جمعي مهم لدى الأفراد في كيفية التعامل مع لحظة مرور الأعاصير وما يتبعها من تأثيرات تتعلق بالأودية الجارفة واتباع الإرشادات التي تبثها الجهات الرسمية، إضافة إلى ذلك الالتزام بالبقاء في المنازل الآمنة أو الذهاب إلى مراكز الإيواء المعلنة من قبل جهات الاختصاص.
لا شك أن هذا الوعي من شأنه أن يسهم في تقليل أي خسائر - لا قدرّ الله- يمكن أن تنتج عن مرور هذه الحالة المدارية التي يتوقع أن تصل إلى درجة إعصار من الدرجة الثانية كما تشير بعض مراكز القياس العالمية.
ولا بد للجميع أن يعلم قبل أي مجازفة يمكن أن يقوم بها خلال مرور الحالة المدارية أو بعدها أن رجال الدفاع المدني، رغم التزامهم بإنقاذ من يحتاج إلى الإنقاذ ويطلب المساعدة، إلا أنهم يبقون بشرا مثلنا والخطر الذي نتعرض له يتعرضون هم له رغم ما يملكون من خبرة ومن أدوات عملية. ولذلك نحتاج أن نثبت للجميع، وطبعا لأنفسنا، أننا وصلنا إلى درجة كبيرة من الوعي والخبرة في التعامل مع الحالات المدارية والطارئة مهما كانت قوتها. وما يطمئن في هذه الحالة أن البنية الأساسية، وخاصة الجديدة منها، بُنيت بمواصفات تستطيع الصمود، إلى حد كبير، أمام شدة الأعاصير، لكن، مع ذلك، لا بدّ أن نعلم بدءا أن للأعاصير قوة مدمرة لا تستطيع أن تصمد أمامها أقوى البنى التحتية خاصة مع شدة الرياح وقوة اندفاع السيول والأودية ولذلك يبقى الحذر والالتزام بالقوانين والتوجيهات خلال وبعد مرور الحالة المدارية أمرا مهما جدا وحاسما في حماية الأرواح وفي حماية الكثير من الممتلكات العامة.
ولذلك فإن أي مغامرة بالخروج خلال مثل هذه الأوقات المضطربة والصعبة ليست محفوفة بالمخاطر فقط ولكنها أيضا قد تكون قاتلة لمن سيجازف بالخروج ولمن سيحاول إنقاذه.
ندعو الله أن يحول الحالة المدارية القادمة من حالة مدمرة إلى حالة تتساقط فيها أمطار الخير وتنثر على عُمان بركات السماء وأمنها.. إنه سميع مجيب.