صورة بانورامية على منطقة الخليج عشية العام الجديد
يوشك عام ٢٠٢٣ أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد الكثير من الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والتي سيكون لها تأثيرات كبيرة على مجريات الأحداث في العام القادم ٢٠٢٤ سواء على منطقة الخليج العربي أو العالم.
وفي ضوء المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية فإن دول مجلس التعاون الخليجي تقع في مشهد جيواستراتيجي متغير في اتجاهات مختلفة.
ستكون حرب غزة أحد أكثر الأحداث تأثيرا على منطقة الخليج العربي سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الاقتصادية.. فرغم العلاقات الاستراتيجية بين دول الخليج وأمريكا التي يتوقع أن تستمر على حالها من الناحية الاستراتيجية خلال العام القادم، ولسنوات طويلة قادمة إلا أن الخطاب الشعبي الذي يُحمّل أمريكا مسؤولية الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في غزة قد يؤثر، ولو بشكل طفيف، على مسارات الخطاب السياسي؛ ولذلك لا يتوقع أن تحقق استراتيجية التطبيع مع إسرائيل التي تقودها أمريكا أي تقدم في العام القادم، دون أن يتأثر بشكل حقيقي ما أنجز منها.. وستعمل أمريكا على التأكيد لحلفائها في الخليج أن العلاقات الاستراتيجية بينها وبين المنطقة ما زالت على حالها ولن تسمح لأطراف أخرى أن تملأ المكان.. ورغم الحضور العسكري الكثيف لأمريكا في الوقت الحالي إلا أنه سيبقى مرحليا ومرتبطا بالأحداث في غزة والتحولات التي تحدث في البحر الأحمر دون أن ينتقل اهتمام أمريكا الأساسي من منطقة الإندو ـ باسيفيك التي تحظى بالأهمية الاستراتيجية الأولى بالنسبة لأمريكا على المدى البعيد.
وفي الجانب الاقتصادي فإن دول الخليج العربي في انتظار تحقيق نمو اقتصادي متنامٍ خلال العام القادم يقدر بحوالي ٣.٦٪ وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، ويرتكز هذا النمو على جهود التنويع وانتعاش الطلب العالمي على النفط، والذي من المتوقع أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
وستبقى المملكة العربية السعودية بشكل خاص ودول الخليج العربي بشكل عام خلال العام القادم مؤثرة بشكل أساسي على مسار أسعار النفط عبر مركزية القرار السعودي في تجمع «أوبك+» لكن سيبقى الأمر في حدود إحداث توازن في السوق.
وتشير المعطيات السياسية والاقتصادية إلى أن العلاقات الخليجية الصينية ستبقى في تنامٍ مستمر خلال العام القادم خاصة في المجال الاقتصادي، وستبقى الصين أحد أهم المستوردين للنفط الخليجي وخاصة من سلطنة عمان، ولذلك سيكون دور الصين أساسيا في النمو الاقتصادي الخليجي.
أمّا العلاقات الخليجية الإيرانية فمن المتوقع أن تشهد تناميا خلال العام القادم سيما في الجوانب السياسية مدعومة بتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران.. على أن هذا الأمر سيبقى مرهونا بالتحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة.. لكن سيبقى الأمر دون تحولات حادة صعودا أو هبوطا.
ورغم كل ذلك فإن منطقة الخليج العربي شديدة الحساسية بالصراعات التي تحيط بها، فهي متأثرة بالصراع في غزة سواء من حيث إن أغلب دول الخليج تتعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عربية مركزية أو من حيث علاقاتها بالأطراف الفاعلة في الصراع بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.. كذلك هي متأثرة بشكل كبير جدا وجوهري بالخلاف الكبير بين أمريكا وإيران حول الملف النووي.