صناعة «الترفيه» حديث الصيف والشتاء
الحديث عن السياحة -شتوية كانت أم صيفية- حديث عن «الترفيه» الذي يبدو أنه بات يشغلنا في منطقة الخليج العربي أكثر من أي شيء آخر، ولذلك يتصدر الحديث عنه موضوعات نقاشاتنا في المجالس العامة وفي الصحافة أو حتى في «البرلمانات» الخليجية وكأنه مشكلتنا الكبرى أو «الوحيدة»، وليت قضايا أخرى مثل قضايا التعليم وصناعة الوعي والإصلاح الاقتصادي الحقيقي تأخذ مثل المساحة التي يأخذها موضوع «الترفيه» خاصة أنه يُناقش - في الأغلب- لا من زاوية كونه موردا اقتصاديا ولكن من زاوية غيابه «كترفيه» عنّا فيما نحن في أمس الحاجة له! ورغم أن هذا الموضوع عالمي إلا أن الحديث عنه في مجتمعنا الخليجي بهذا الشكل وهذه المساحة الكبيرة يحتاج إلى تحليل واستقراء توجهات المجتمعات الخليجية المستقبلية.
الموضوع من زاوية كونه موضوعا اقتصاديا النقاش فيه مهم جدا خاصة أن في العقدين الأخيرين زاد إقبال الناس على «الترفيه» أكثر من أي وقت مضى، وقد يكون لذلك أسباب -في العالم- تتعلق بضغوطات الحياة أو ربما أسباب سياسية.. كما أن الكثير من دول العالم قام اقتصادها الضخم على صناعة السياحة التي خرجت من إطارها التقليدي لتكون صناعة متكاملة، لكن الذي لا يتم الحديث عنه بشكل واضح ومباشر أن لهذه الصناعة قيمها ومبادئها الخاصة التي ما زالت مجتمعاتنا أو أغلبها على الأقل، لا تستطيع تقبلها في بلادنا، وهذا مفهوم جدا. لكن - أيضا- وحتى تكون الصورة واضحة من جميع زواياها لا بدّ أن يطرح التحدي الاجتماعي والقيمي خلال الحديث عن التحديات التي تواجه صناعة «الترفيه».
هذا الطرح لا يعني أن نُبقي على الوضع كما هو عليه، هناك الكثير من الفرص والأفكار التي يمكن أن تستثمر لصناعة «ترفيه» لا يتصادم مع التحديات الاجتماعية، ترفيه يكون موجها للأسر، وهذا يحتاج إلى عقول مبتكرة في القطاع الخاص أو القطاعات التي تعمل في مجال «الترفيه»، كما يحتاج من الجهات الحكومية المعنية توفير البنية الأساسية والتسهيلات اللوجستية وكذلك حث جهات التمويل على دعم مثل هذه الاستثمارات التي تنطلق من داخل المجتمع وتمثل ممكناته الطبيعية والتاريخية والتراثية. وهذا الموضوع ليس سهلا كما يمكن أن نعتقد.. لكنه أيضا ليس مستحيلا أبدا.