شهر صيام وقيام لا شهر تبذير واستهلاك
يتراءى المسلمون اليوم هلال شهر رمضان المبارك بكثير من البِشر والفرح، منتظرين النفحات الإيمانية التي تنساب مع أيام الشهر الفضيل. وتشير الحسابات الفلكية إلى إمكانية رؤية هلال رمضان بعد مغيب شمس اليوم الأربعاء ما يعني أننا يمكن أن نعيش مساء اليوم، في حالة ثبوت الرؤية، أولى ليالي الشهر الفضيل بما تحمله تلك الليالي من نفحات إيمانية غامرة.
وشهر رمضان شهر مبارك تكثر فيه العبادات والطاعات، ويتسابق الناس فيه للصدقات، إلا أنه في غير طاعة الله ورضوانه مثله مثل بقية شهور العام لا ينبغي أن نحوله من شهر عبادة وطاعة إلى شهر استهلاك وإنفاق يفقد فيه الشهر قدسيته ويتحمل الناس فيه ما لا طاقة لهم به. كما أن شهر رمضان المبارك شهر عمل في حدود ما يطيقه الصائم لا شهر كسل ونوم.
وإذا كانت هذه الرؤية الشرعية لشهر رمضان المبارك فإن الرؤية الاقتصادية تشير إلى أن العالم يمر بأسوأ موجة تضخم من عقود طويلة وقد انعكست هذه الموجة سلبا على القدرة الشرائية لدى الجميع في مختلف دول العالم.. ورغم أن سلطنة عُمان من بين أقل خمس دول في مؤشر التضخم إلا أن هذا لا يعني أننا خارج نطاق التأثر بالتضخم في الكثير من مسارات التسوق. وبالنظر إلى الأعوام الماضية نجد أن الأسعار ترتفع بشكل طبيعي خلال شهر رمضان نتيجة زيادة إقبال الناس على استهلاك الكثير من المواد الغذائية، لذلك فإن المنطق يفرض علينا في هذه الحالة أن نكبح جماح التسوق والاستهلاك خلال الشهر الفضيل ولا نحمّل أنفسنا فوق قدرتها الشرائية من أجل أن نحول ليالي الشهر الفضيل إلى أوقات أكل، هذا إذا كان كل ما يطبخ يؤكل ويُستهلك، فكيف إذا كانت نسبة مما يعد للأكل لا يُستهلك، ويجد طريقه إلى حاويات القمامة وفي ذلك خسارتان: خسارة دينية وقيمية بسبب الإسراف في النعمة وخسارة اقتصادية بسبب رمي المال في حاويات القمامة فكل أكل يرمى هو قبل أن يكون طعاما كان نقودا لها قيمتها.
هذا الخطاب لا يعني أن يجوع الناس ولا يأكلوا أكلا يعينهم على الصيام والقيام ولكن كل إنسان يستطيع أن يقدر حاجته فيشتري في حدودها دون إسراف أو تبذير.