شراكة حكومية وشعبية.. من أجل التنمية
تشهد سلطنة عمان تغيرات جذرية في مختلف مساراتها التنموية وبناء هياكلها الحكومية وهياكل جميع مؤسساتها، يترافق ذلك كله من تجديد منظومة القوانين والأنظمة وحوكمة الأداء المؤسسي من أجل تجويد الخدمات وتعزيز الإنتاجية الفردية والابتكار.
وتعزز المرحلة الجديدة في سلطنة عمان فلسفة الشراكة المجتمعية، الشراكة بين المؤسسات الحكومية بعضها البعض، وبينها وبين المجالس المنتخبة، والمعينة (الدولة والشورى)، وبينهم جميعا وبقية مؤسسات الدولة الأخرى من منطلق أن الجميع في هذه البلاد شركاء حقيقيون في مسيرة التنمية والتطوير والبناء.. وهذا الفهم الذي يؤمن به الجميع في عمان ساهم بشكل كبير في تيسير مسارات التنمية خلال العقود الماضية، ذلك المسار الذي لم يتوقف فيه العمل أبدا، وعند أي مرحلة تشهد تحديا كان الجميع يجند نفسه من أجل تجاوزه باعتباره تحديا أمام الجميع.
ولذلك لا غرابة أبدا أن ينص قانون مجلس عُمان على عقد لقاءات سنوية بين مجلس الوزراء وبين مجلسي الدولة والشورى من أجل التشارك في رسم خطوط المستقبل ومن أجل مناقشة التحديات التي قد تواجه المسيرة المظفرة.
وأمس عقد مجلس الوزراء ومكتب مجلس الشورى اللقاء السنوي لمناقشة الشراكة الدائمة بين المجلسين ومناقشة تحديات المرحلة والمستقبل والبحث عن تذليلها وتحديد الأولويات: سواء كانت الأولويات التنموية أو التشريعية أو حتى أولويات تعزيز آليات عمل المجلس وأدواته الرقابية.
ويأتي اللقاء ليؤكد على العلاقة الحيوية التي تربط الحكومة بغيرها من مؤسسات الدولة الأخرى في إطار تعزيز الرؤية الواسعة التي تضمن توجه البلاد نحو التقدم والازدهار المستدام. ومجلس الشورى في هذا المقام يمثل المواطنين جميعا ولذلك يمكن توسيع دائرة الحوار عبره لتشمل الجميع، فتكون فكرته أقرب إلى الحوار المجتمعي وإنْ كان بصورة أخرى.
وفي الحقيقة إن التعاون بين مجلس الوزراء ومجلس الشورى ليس فقط ضروريا في هذه المرحلة بل هو ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة التي يتشارك في بناء خططها الجميع. هذا التعاون يمثل الجهد المشترك للحكومة والشعب في البناء المستمر للدولة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على جودة الحياة للمواطنين.
التنسيق المشترك بين الجانبين إذًا هو خطوة مهمة نحو تحقيق الرؤى المشتركة التي تسهم في دعم البرامج الاقتصادية والاجتماعية، ومع التأكيد على أن الحكومة تعطي الأولوية للمبادرات الداعمة لدور مجلس الشورى كشريك في العمل الوطني، يتم تعزيز هذه الشراكة من خلال تنفيذ خطط التنمية الشاملة، والتعاطي الإيجابي مع ما يطرحه المجلس من مقترحات يتم أخذها بعين الاعتبار في الخطط والبرامج التي يتم تنفيذها في كل مرحلة.
وأكد اللقاء على أهمية إبراز وتفعيل دور اللجنة الوزارية التنسيقية المشتركة بين المجلسين لدعم التعاون وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي النهاية، يجب أن نتذكر دائما أن التعاون والشراكة بين مجلسي الوزراء والشورى هما العنصر الأساسي في تحقيق التقدم والتنمية. هذه الشراكة ليست فقط ضرورة مؤسسية، بل هي أيضا تعبير عن روح الشورى والمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار. وعلى هذا الأساس، يمكننا أن نتطلع إلى مستقبل مشرق ومزدهر يتوافق مع طموحات الجميع.