زيارة تاريخية تعزز التضامن العربي
لا يمكن حصر أهمية الزيارة التي يبدأها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم-حفظه الله ورعاه- اليوم لجمهورية مصر العربية في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فهذه العلاقات كانت عبر التاريخ من بين أكثر العلاقات العربية العربية استقرارا ووضوحا، ولكن أهميتها تظهر، أيضا، في بعدها العربي، والجهود الكبيرة التي تبذل في طريق ترميم العلاقات العربية العربية التي دشنت عهدا جديدا في القمة العربية التي عقدت الجمعة في مدينة جدة السعودية وحضرها لأول مرة الرئيس السوري بشار الأسد بعد غياب طال لأكثر من عقد من الزمان في ظل تحولات عربية صعبة عاشتها الأمة العربية في أعقاب ما سمي «بالربيع العربي»، وبدا فيها أن العرب يعون حجم التحديات العالمية التي تواجههم في عالم متغير وفي نظام عالمي يتداعى ونظام آخر يتشكل ونحتاج أكثر من أي وقت مضى أن نكون مؤثرين فيه عبر استخدام مواطن القوة التي نمتلكها في العالم العربي. وقامت سلطنة عمان، كما هو عهدها، بدور كبير وأساسي في عودة العلاقات العربية العربية وبشكل خاص العلاقات العربية السورية، وهي تنطلق في ذلك من أرضية تاريخية في قدرتها على ترميم مثل هذه العلاقات المتشظية ومن ثقة العالم في العمق الفكري الذي تنطلق منه الدبلوماسية العمانية.
عبر هذا المسار تتحول الزيارة من بعدها الثنائي إلى البعد العربي، ومن زيارة دورية ثنائية بين القادة العرب إلى زيارة تاريخية، خاصةً وأنها الأولى لصاحب الجلالة السلطان هيثم- أعزه الله- لمصر منذ توليه عرش عُمان. لذلك ستحضر ملفات المصالحة العربية، وستحضر القضية الفلسطينية وستحضر التحديات الكبرى التي يمر بها العالم العربي في هذه اللحظة التاريخية ضمن النقاشات التي ستدور بين القائدين الكبيرين.
رغم ذلك فإن تطوير العلاقات بين البلدين بما يتواكب وكل هذه التحولات سيكون ضمن أولويات الزيارة في بعدها الثنائي. والعلاقات العمانية المصرية متشابكة جدا عبر التاريخ في كل أبعادها الحضارية والثقافية والاقتصادية والإنسانية ولا يخدشها شيء ذو بال عبر السنوات الطويلة.. وهذا مهم جدا في مسار التأسيس لشراكات اقتصادية جديدة بين البلدين، وتحويل كل هذه المعطيات التاريخية والحضارية ونقاط القوة إلى أرضية صلبة لبناء استثمارات كبرى تنعكس إيجابا على البلدين الشقيقين، وبناء فرص لصناعة رخاء وازدهار اقتصادي يساهم في تنمية واستقرار المنطقة. لكن هناك، أيضا، جوانب كثيرة يمكن أن تعزز العلاقة بين البلدين تنطلق من فهمنا العميق لقوتنا ولتاريخنا المشترك، وفي مقدمة ذلك الجوانب الثقافية، حيث إن البلدين يضمان كنوزا حضارية غنية تحكي قصة الإنسان ومساهمته في البناء الحضاري للإنسانية.. وتسخير هذا الجانب في بناء خطابات التسامح والتفاهم التي تحتاجها الإنسانية في هذه اللحظة المفصلية من تاريخها.
ولذلك ليكن النداء الذي يعلو مع هذه الزيارة التاريخية هو نداء التسامح ونداء التفاهم العربي العربي، والعربي العالمي، والإنساني الإنساني. وكذلك الإصرار على الالتفاف العربي حول القيم المشتركة التي توحدنا في العالم العربي وتشكل تاريخنا وتشكل مستقبلنا، فالأمة العربية تستحق أن يكون مستقبلها واضح المعالم وثابت الأركان.