زيارة تاريخية.. بأهداف حضارية
هناك أحداث توصف بأنها تاريخية ومفصلية بسبب ما تصنعه من تحولات في العالم، ولعلّ الزيارة التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بين تلك الأحداث التاريخية والاستثنائية التي تُحدِث أثرا كبيرا وعميقا في مسارات العالم وتطوراته.
ويمتد أثر الزيارة التاريخية لعاهل البلاد المفدى -أعزه الله- لإيران إلى أبعد من العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين أو في المنطقة ليشكل أثرا على مجريات الأحداث في العالم.
وينتظر العالم الذي راقب الزيارة عن قرب انفراجة تاريخية جديدة لمفاوضات الملف النووي الإيراني في وقت ينذر فيه هذا الملف بمواجهات بين إيران والمجتمع الدولي بعد تعثرات طويلة في المفاوضات العام الماضي. وسبق لسلطنة عمان أن نجحت في إحداث اختراق دبلوماسي كبير حينما جمعت إيران والمجتمع الدولي على طاولة مفاوضات قادت إلى توقيع الاتفاق النووي الأول في عام 2015.
إضافة إلى ذلك من المنتظر أن تسهم الزيارة التاريخية لجلالة عاهل البلاد المفدى في فتح آفاق أرحب لعودة العلاقات العربية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي شهدت خلال العقد الماضي قطيعة لأسباب باتت معروفة اليوم لدى الجميع. ومن بين العلاقات العربية الإيرانية التي ينتظر أن تشهد تقاربا خلال الفترة القريبة القادمة العلاقات المصرية الإيرانية، إضافة إلى العلاقات الخليجية الإيرانية.
وقال أمس معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية إن توقيت زيارة جلالة سلطان البلاد المفدى «تأتي في خضم مرحلة جديدة وإيجابية للعلاقات الإقليمية؛ ما يدعو إلى دعمها والتشاور والتعاون لحلّ العديد من الملفات والقضايا الحالية، والتي ستكون بلا شك مدار بحث بين القيادتين، وبما يخدم تعزيز دعائم الأمن والاستقرار»، مؤكدا «إننا في سلطنة عُمان مستبشرون بأن هذه الزيارة التاريخية ستنعكس إيجابًا على استقرار المنطقة وأمنها، وعلى علاقات الجوار الإقليمي، وسوف نعمل على بلورة نتائجها بما يعود بالمنفعة على الصعيدين الإقليمي والدولي».
وحديث وزير الخارجية له معنى عميق حيث إن المنطقة والعالم في مرحلة مختلفة تبدو فيها التوجهات في منطقة الشرق الأوسط تميل كثيرا باتجاه فتح علاقات جيدة مع إيران تقود إلى إرساء دعائم الاستقرار والأمن في منطقة لم تشهد مرحلة هدوء حقيقي منذ عدة عقود. وعالميا فإن المجتمع الدولي وخاصة أوروبا يرى في إبرام اتفاق نووي مع إيران في أقرب وقت ممكن مكسبا حقيقيا له في ظل التحولات التي يشهدها العالم في أعقاب بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
إن هذا الدور الكبير الذي تقوم به سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان المعظم من شأنه أن يجنّب المنطقة والعالم الكثير من النزاعات التي طالما عصفت بمنطقة الشرق الأوسط وأفقدتها الاستقرار والمزيد من التطور والنماء.
وجهود سلطنة عمان باتت معروفة في هذا الجانب الأمر الذي يؤكد نجاح الدبلوماسية العمانية التي تقوم على الحوار من أجل الوصول إلى حلول سلمية.
ولذلك ليس غريبا أن يرى العالم أجمع في المباحثات التي يجريها سلطان البلاد في طهران حدثا تاريخيا مفصليا لمنطقة الشرق الأوسط والعالم.. وهو حدث يمكن البناء عليه في حلحلة الكثير من التحديات والنزاعات التي ما زالت تؤخر البشرية عن مسيرتها الحضارية وتسهم بشكل سلبي في تعاسة الإنسان وشقائه.
حفظ الله عاهل البلاد المفدى وأعزّ سلطانه وسدد خطاه في طريق البناء الحضاري الذي ينتهجه على الدوام في القضايا المحلية والدولية.