رمضان.. لحظة التقارب الإسلامية
يبدأ المسلمون اليوم في أغلب مشارق الأرض ومغاربها صيام شهر رمضان المبارك، الشهر الذي يزيد فيه صفاء النفوس البشرية وتقاربها، وتسقط فيه الخلافات بين المسلمين احتسابا لمضاعفة الأجر من الله سبحانه وتعالى.
وإذا كان الصفاء حالة جمعية عند المسلمين في شهر رمضان المبارك فإنها فرصة سانحة للانطلاق من هذه الحالة النفسية والاعتقادية الإيمانية نحو عمل عربي من شأنه ترميم العلاقات بين الدول العربية التي أصابها الكثير من الجفاء والخصومة، أحيانا، خلال العقد الماضي وتباعدت القلوب في وقت كانت في أمَسّ الحاجة للقربى، وفي أمَسّ الحاجة للتعاضد والتراحم.
وقد حققت بعض الدول العربية والإسلامية مساحة جيدة من التقارب خلال الأشهر القليلة الماضية، منطلقة من مبدأ المصالح السياسية والاقتصادية، ورغم أن هذا المبدأ قد أسهم في ترميم بعض الخلافات العربية الإسلامية، والعربية العربية خصوصًا، إلا أنه مبدأ يقوم على أسس متغيرة غير ثابتة وغير مقدسة، وما قد يقرب اليوم يمكن أن يتحول إلى سبب للبعد غدا. أمّا الأساس الذي يمكن أن ينطلق من شهر رمضان المبارك والمقدس عند جميع المسلمين، فهو أساس ثابت لا يتغير ينطلق من القرآن الكريم. والقرآن الكريم ـ كما نعلم ـ دستور المسلمين، الذي نزل لهداية البشرية في هذا الشهر المبارك، فيه مبادئ قوية لأن يتجاوز المسلمون كل خلافاتهم ويذهبوا نحو المستقبل ووحدة واحدة، ويشكلوا قوة تفرض لنفسها مكانة وقدرة على البقاء في ظل متغيرات عالمية.
ولقد استطاعت الفترة الزمنية الماضية التي كان التباعد العربي إحدى سماتها أن تكشف للجميع ما في التباعد والتجارب من أخطار على الجميع، وما فيه من ضعف جمعي وانهيار للأمة العربية والإسلامية وتراجع في كل المجالات، في وقت كان حري بهذه الدول أو هذه الأمة أن تصعد وترقى سلالم المجد والتقدم.
لذلك من صالح كل المسلمين أن ينطلقوا في هذا الشهر المبارك نحو التقارب والتآزر وبناء وحدة مصالح تقوم على أسس الدين الإسلامي وأركانه القويمة، فالمستقبل لا يبلغه إلا الأقوياء والقوة لا تكون بالتشتت والتفرق والتباغض.