حتى نبقى ممسكين بفرحة المطر الخالدة
عاشت محافظات سلطنة عمان على مدى الأيام الثلاثة الماضية فرحة استثنائية بالمطر بعد غياب طويل وشهور من الجفاف بدأت تأثيراته تبدو واضحة على الكثير من الأفلاج والآبار.. وفي عُمان وبعض دول عربية، يوم المطر فيها يوم عيد وحبور يستبشر الناس به وتنشرح نفوسهم؛ فيتجاوزون متاعب الحياة ومصاعبها ويعيشون اللحظة التي تفتح فيها أبواب السماء بغيث منهمر.
وهذا حال الكثير من المواقع الجغرافية في الكرة الأرضية التي يكون المطر فيها شحيحا، وينتظره الناس كما تنتظر الأعياد.
لكنّ الإنسان يحتاج إلى أن يحافظ على صفاء العيد، أو اللحظة التي يضعها في مقال لحظة العيد حتى لا تنسلّ الفرحة من بين يديه، ويتحوّل عيده إلى لحظة ألم وحزن، فتبقى اللحظة بكل تناقضاتها خالدة في ذاكرته، حتى إذا ما هطل المطر مرة أخرى يتذكر لحظة حزنه وفقده.
وعلى مدى السنوات الماضية تتحوّل فرحة هطول المطر، إلى لحظة حزن مع بعض الأسر التي تفقد عزيزا لها قضى نحبه غرقا في البرك المائية أو جرفته الأودية. تتحوّل اللحظة التي كان من الممكن تخليدها لتبقى لحظة فرح دائم إلى لحظة حزن وألم. إن الكثيرين يستهينون بقدرة الأودية على الجرف، ويعتقدون أنهم قادرون على تخطيها أو قهر قوتها، فيتداخل في تلك اللحظة الصعبة غرور النفس وفرحها بالمشهد فيذهب الإنسان في لحظة يغيب فيها العقل والوعي ليغامر بنفسه وبأطفاله وبأسرته وبحياة الآخرين وما هي إلا لحظات حتى يكتشف حجم المأزق الذي وضع نفسه فيه.
لكن العاقل الذي يرى تكرار التجارب المأساوية في حالات الغرق أو الجرف التي تحدث عند كل موجة مطر تجعل الإنسان يستفيد من الدروس التي مرّت على غيره، فلا يجازف بحياته ولا يعرّض حياة المسعفين للخطر، فهم رغم أنهم نذروا حياتهم لإنقاذ حياة الآخرين ممن يحتاجون إلى المساعدة إلا أنهم قبل كل شيء هم بشر مثلنا، لا يمتلكون قوة خارقة تجعلهم يستطيعون خوض الأودية ومصارعة مدها العاتي.
كان يمكن أن تمضي أيام المطر هذه والناس جميعا في فرحة وحبور دون أخبار مفجعة عن أطفال أو كبار جرفتهم الأودية.
إن المرحلة القادمة مرحلة تستحق أن تقوم الجهات المعنية بفرض عقوبات صارمة على كل من يخالف التعليمات ويعرّض نفسه للخطر، والله يغيّر بالسلطان ما لا يغير بالقرآن.. ولذلك ليس هناك أقوى من سلطان القانون لنبقى جميعا ممسكين بفرحة المطر دون أن ينسل شيء منها من بين أصابعنا.. فهي فرحة لا تتكرر كثيرا.