انتخابات الشورى.. من يمثل طموحاتنا؟
أبرز قضية أساسية يدور النقاش حولها في سلطنة عمان هذه الأيام هي انتخابات أعضاء مجلس الشورى. وهي بحق قضية مهمة تستحق كل هذا النقاش في الوسط العماني لاعتبارات كثيرة جدا، يمكن أن نذكر منها أن المجلس قبيل هذه الانتخابات تجاوز عمره العقود الثلاثة ما يعني، منطقا، نضج تجربة الشورى في عُمان بشكلها الحديث، إضافة إلى ذلك أن الانتخابات المنتظرة في أكتوبر القادم تأتي في مرحلة يُعيد فيها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تشكيل معالم الدولة الحديثة لتتوافق مع المرحلة التي يعيشها العالم ومع ما يطمح إليه العمانيون لبلدهم من مكانة عالية ومرموقة، وقد شاهدنا ذلك عبر إعادة هيكلة مؤسسات الدولة والبدء بأكبر حركة إصلاح اقتصادي ومالي في البلاد في العصر الحديث، وإعادة بناء منظومة التشريعات والقوانين لتتوافق وتوجهات رؤية عُمان 2040. وفي الحقيقة أن سلطان البلاد المفدى يعيد تشكيل سلطنة عمان وفق رؤية أكثر حداثة إلا أن هذا الأمر يجري بكثير من الهدوء والتناغم مع حركة سير المجتمع وتوجهاته، وهذا نجاح كبير في حد ذاته يستحق الكثير من تسليط الضوء عليه وقراءته بوصفه تجربة نجاح.
وفي هذا السياق فإن هذه المرحلة بكل هذه التفصيلات التي تتميز بها تحتاج إلى مجلس شورى قادر على مواكبتها وعلى فهم متطلباتها، ولذلك فإن انتخاب أعضاء متميزين لعضوية المجلس أمر في غاية الأهمية ويستحق الكثير من النقاش الوطني للوصول إلى وعي كبير لحظة الإدلاء بالأصوات؛ حيث سيكون كل صوت لبنة في جدار بناء هذا الوطن.
وإذا كان المرشحون يعملون اليوم في جميع الولايات من أجل الترويج لأنفسهم وإقناع أكبر عدد من الناخبين لاختيارهم في يوم الانتخابات، وهذا حق كفله القانون، فإن من الواجب، أيضا، أن تكون هناك حملة توعية وطنية موازية، تستهدف جميع المواطنين لتبصيرهم بأهمية اختيار المرشح الأنسب لكفاءته وليس لمكانته المالية أو الاجتماعية أو قربه وبعده من الناخب.. فعُمان أكبر من كل هذه التفاصيل العابرة.
المرحلة القادمة مرحلة غاية في الأهمية؛ فأمام أعضاء مجلس الشورى ومجلس الدولة مراجعة الكثير من القوانين والتشريعات التي تعيد تنظيم الحياة بكل تفاصيلها في إطار حديث قادر على مواكبة متطلبات المرحلة، وإذا لم يكن أعضاء مجلس الشورى المنتخبون من أصحاب العلم والمعرفة والخبرة والتجربة على قدر كبير من الوعي بالتحولات التي يمر بها العالم وتمر بها سلطنة عمان فإن أداء المجلس لن يكون بطبيعة الحالي عند مستوى طموحات المواطنين. والمنطق يقول إن المواطن الذي يطلب من مجلس الشورى دورا أساسيا في عملية البناء الوطني وفي التشريعات وفي القوانين وفي الجانب الرقابي عليه أن يختار من الآن العضو الأنسب والكفء لا أن يتأثر بالإعلانات الانتخابية التي تعطي وعودا لا تلبث أن تتلاشى عند أول لحظة للحقيقة.