العلاقات العمانية البلجيكية.. لحظة تاريخية لشراكات مستقبلية
يبدأ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- يوم الاثنين زيارة دولة إلى مملكة بلجيكا. ويمكن قراءة العلاقات العمانية البلجيكية فـي إطار قدرة سلطنة عُمان على تأسيس شراكات اقتصادية تتجاوز التعاون التقليدي إلى بناء منظومة متكاملة من المصالح المشتركة فـي مختلف المجالات. ورغم أن العلاقات بين البلدين حديثة نسبيا إلا أنها استطاعت أن تبني جذورا قوية وتؤسس لمستقبل واعد بالشراكات الاقتصادية على أكثر من مستوى خاصة فـي ظل الإرادة السياسية التي تلقى دعما غير محدود من قبل القيادتين فـي البلدين الصديقين. ومن الواضح جدا أن سلطنة عُمان ومملكة بلجيكا على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي الاستثنائي.
برزت ملامح هذه الشراكة من خلال المشاريع الطموحة مثل ميناء الدقم، الذي يُعدّ أحد أبرز ثمار التعاون العُماني البلجيكي، إذ يعكس رؤية البلدين فـي تعزيز الاستثمارات المستدامة والبنية الأساسية لمشاريع الموانئ وسلاسل التوريد العالمية. كما يُعد مشروع «هايبورت الدقم» دليلاً حيًا على تطلع البلدين إلى ريادة قطاع الطاقة الخضراء عالميًا، حيث يسهم هذا المشروع فـي تمهيد الطريق نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى الأسواق الأوروبية، مما يعزز التحول نحو الاقتصاد المستدام.وتتجاوز العلاقات التي يعمل البلدان على بنائها وتأسيسها على أرض صلبة الجانب الاقتصادي لتشمل مسارات سياسية وثقافـية. وأظهرت سلطنة عمان قوة دبلوماسيتها ومكانتها الإقليمية فـي تسوية القضايا الدولية، كما تجلى فـي نجاحها بالتوسط للإفراج عن محتجزين بين بلجيكا وإيران. هذا الدور يعكس مكانة عُمان كفاعل دولي يحظى بالاحترام.
على الجانب الاقتصادي، توفر العلاقات الثنائية فرصة ثمينة لاستثمار المقومات الجغرافـية والموارد الطبيعية والتكنولوجية. وتعد القطاعات الناشئة مثل علوم الحياة، والابتكار التكنولوجي، والطاقة النظيفة ميادين واعدة لتعميق هذه الشراكة. كما يمثل ميناء الدقم بوابة استراتيجية للتجارة بين الشرق والغرب، مما يعزز مكانة البلدين كشريكين رئيسيين فـي الصناعات المستدامة.
أما على المستوى الثقافـي والأكاديمي، تفتح هذه العلاقات آفاقًا للتبادل العلمي والحوار الثقافـي، مما يسهم فـي تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين وتطوير البنية المعرفـية المشتركة.
إن زيارة جلالة السلطان المعظم تعتبر فرصة كبيرة لتوطيد العلاقات بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي والثقافـي، الأمر الذي يجعلنا نقرأ الزيارة من زاوية اللحظة التاريخية فـي مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، ورؤية واعدة لمستقبل مشترك يقوم على الابتكار والتنمية المستدامة.