الطريق لتحرير فلسطين
لم تحقق الوعود التي وعد بها المجتمع الدولي ومنظماته منذ أوسلو إلى اليوم أي تقدم حقيقي في مسار حل القضية الفلسطينية، ما حدث العكس تماما، تراجع اهتمام العالم بالقضية في ظل انشغاله بقضايا أخرى، وأُشغل العالم العربي بقضايا هامشية عن قضيته المركزية التي لا يبدو أن المنطقة يمكن أن تشهد أي استقرار دون أن يتم تسويتها في المقام الأول ودون أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها «القدس الشرقية» رغم أن هذا هو الحد الأدنى من الطموح العربي الحقيقي.
ولا يمكن أن يجزئ العالم حديثه عن العدالة وحق الشعوب في العيش الهنيء والأمن والاستقرار فيما يدير ظهره للشعب الفلسطيني الذي يعيش منذ سبعة عقود مضطهدا فوق أرضه ومشردا أشتاتا في كل بقاع العالم.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الدول العربية لعقد قمة جامعة الدولة العربية في الجزائر مطلع الشهر القادم فإن المسجد الأقصى يتعرض بشكل يومي لاقتحامات من المستوطنين الصهاينة، وأمس وحدها اقتحم المسجد أكثر من 300 مستوطن وقاموا بتأدية طقوسهم التلمودية وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال بعد أن دخلوا من باب المغاربة. وهذا الاقتحام المستفز ليس الأول، فقد قالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس: إن شهر سبتمبر وحده شهد أكثر من 22 حالة اقتحام.
إن الدول العربية مطالبة الآن بتجديد آليات عملها من أجل فلسطين سواء في الداخل الفلسطيني أو حتى مع المنظمات الدولية ولكن هذا يحتاج إلى توافق عربي قبل كل شيء، توافق عربي بدا في التباعد مع إقامة بعض الدول العربية لعلاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية أمنية مع الكيان الصهيوني.
أما في الداخل الفلسطيني فتحتاج الدول العربية إلى دعم وإقامة مؤسسات علمية وأكاديمية قوية تستطيع منافسة المؤسسات الإسرائيلية إذا كانت القوة العربية لا تستطيع حتى الآن أن تكون ندا للقوة الإسرائيلية. يحتاج الداخل الفلسطيني إلى مراكز بحث ودراسات ضخمة وعلى مستويات عالمية وإلى مراكز بحث علمي في مختلف المجالات: الطب والفيزياء والهندسة والعلوم وكذلك في العلوم الإنسانية حتى تكون فلسطين بعد سنوات من الآن مركزا علميا وإبداعيا عالميا يستطيع أن يؤثر على القرار العالمي بهذا الثقل العلمي والتكنولوجي. والعقول الفلسطينية الموجودة في الداخل تستطيع ذلك خاصة في ظل توفر الدعم وفي ظل تحول الأمر من مجرد اجتهادات شخصية إلى مشروعي وطني عربي لتحرير فلسطين بقوة المعرفة إن عجزت قوة السلاح أن تكون في الصف العربي. وما زال الوقت قائما لتتخذ قمة الجزائر الخطوة الأولى في هذا السياق من أجل فلسطين وفي الحقيقة من أجل الأمة العربية كلها.