الزمن في رمضان.. والشعور بالرضى
تمضي أيام رمضان ولياليه سريعة جدا، لا يكاد يمسك بها أحد من فرط سرعتها، ورغم أن حركة الزمن واحدة لا تتغير كما يقول علماء الفيزياء، إلا أن شعورنا به هو الذي يجعلنا نشعر ببطئه أو سرعته؛ وهذا موضوع فلسفي مسار نقاشه مختلف.. لكنّ الثابت أن اللحظات الجميلة كما هو الحال في شهر رمضان المبارك تجعلنا نشعر بسرعة الزمن وبانفلاته من بين أيادينا.. ربما يكون الأمر متعلقا بعدم الاكتفاء من اقتناص ما فيه من جوائز ربانية وعد الله سبحانه وتعالى عباده بها؛ فبعد مضي ربعه أو نصفه يشعر البعض أنه فرط في لحظات عظيمة ما كان عليه أن يفرط فيها.
وبهذا المعنى فإن شهر رمضان المبارك مناسبة مهمة لأن نعيد فيها التفكير في الكثير من القضايا التي من شأنها أن تشعرنا بالسعادة والرضى الداخلي والاستقرار الاجتماعي ومن بين تلك القضايا موضوع التسامح وتجاوز الخلافات الجماعية أو الثنائية.
وإذا كان شهر رمضان المبارك مناسبة يعيد فيها الناس مراجعة أنفسهم والوقوف معها ومساءلتها عما مرّ بها خلال عام فإن هذه المناسبة أيضا تدعونا إلى أن تقييم خلافاتنا الاجتماعية وربطها بتسارع الزمن الذي نشعر به في هذا الشهر أكثر من أي وقت آخر، لنجد أن خلافات بسيطة كان يمكن تجاوزها في اللحظة التي حدثت فيها يمر عليها زمن طويل جدا. وهذه المساءلة الذاتية يمكن أن تفتح مسارات للتصالح مع الآخرين وتجاوز الأخطاء والمشاحنات ليعم الفرح على الجميع مع نهاية الشهر الفضيل.. وهذا الأمر من شأنه أن يشعرنا أن الزمن الذي مرّ علينا سريعا في شهر رمضان المبارك كان له قيمة أو أننا أنجزنا فيه الكثير من الأعمال العظيمة في تقديرها عند الله سبحانه وتعالى.
إن مثل هذا الشعور من شأنه أن يجعل المجتمع، أي مجتمع من المجتمعات، أكثر رضى وأكثر تقديرا للذات حيث يعم السلام والوئام وتتحقق الكثير من فلسفة شهر رمضان المبارك.
وهذه دعوة للجميع أن يحاول قدر الإمكان الإمساك بالزمن في هذا الشهر بالتحديد حتى لا يفلت من بين يدينا وذلك عبر مراجعة النفس والتصالح معها ودفعها دفعا للتصالح مع الآخرين لتستطيع الشعور بالرضى.