«الحماية الاجتماعية».. لحياة أكثر استقرارا وتقدما
وعد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه، في بدايات حكمه بإرساء نظام حماية اجتماعي يوفر حياة كريمة للمواطنين، وقال -حفظه الله ورعاه- في خطابه بمناسبة العيد الوطني الخمسين: «وجهنا بالإسراع في إرساء نظام الحماية الاجتماعية، لضمان قيام الدولة بواجباتها الأساسية، وتوفير الحياة الكريمة لهم وتجنيبهم التأثيرات التي قد تنجم عن بعض التدابير، والسياسات المـالية»، كان العالم حينها يمر بواحدة من أسوأ أزماته المالية الناتجة عن جائحة فيروس كورونا، وكانت الضغوطات المالية في جميع دول العالم قد وصلت إلى وضع صعب جدا. وعندما صدر أمر إنشاء صندوق الأمان الوظيفي، اعتقد الكثيرون إنه ذروة ذلك الوعد، كان الصندوق حينها فكرة نبيلة وتقدمية جدا من شأنها أن تحمي الكثير من الأسر من خطر الحاجة، في لحظة تاريخية صعبة مرت على البشرية جمعاء.. لكنّ طموح وإرادة عاهل البلاد المفدى كانت أكبر بكثير من تلك الحدود التي يمكن أن تعالج الآثار الناتجة عن خطر الجائحة وما صاحبها من فقدان البعض لوظائفهم، فكان التوجيه نحو بناء منظومة حماية اجتماعية متكاملة تقدم منافعها من لحظة ميلاد المواطن وإلى دخوله مرحلة الشيخوخة، وبين هاتين المرحلتين ترعى المنظومة جميع فئات المجتمع التي تحتاج إلى تقديم الحماية لها لتعيش حياة كريمة، بدءا من لحظة ميلاد الطفل ومرورا بالتحديات التي قد تواجه الإنسان خلال تقلبات الحياة ومصاير البشر.
وبصدور قانون الحماية الاجتماعية الذي يقدم منافعه بدءا من مطلع العام القادم تكون سلطنة عمان قد وصلت إلى مرحلة متقدمة في تطوير منظومة الحماية الاجتماعية التي تضع في اعتبارها توفير حياة كريمة للمواطنين وتجنبهم التحولات الحياتية التي قد تؤثر سلبا في مختلف جوانب حياتهم المالية والاقتصادية.
وتعدّ أنظمة الحماية الاجتماعية في جميع دول العالم أداة حماية مهمة جدا تضمن للشخص حياة كريمة في اللحظة التي تقل فيها قدرته على العمل والإنتاج مع تقدم عمره أو مع تعرضه للأمراض والإصابات سواء كانت مهنية أو غير مهنية.
وبالنظر إلى بنود قانون الحماية الاجتماعي الصادر أمس يتضح حجم المنافع التي سوف تستفيد منها فئات المجتمع والتي تخفف في مجملها التحديات الحياتية وخاصة للأسر ذات الدخل المنخفض، وهذه السياسة لديها القدرة على المساهمة بشكل كبير في بناء الاستقرار الأسري والشعور بالمساواة خاصة مع قدرة العائلات على توفير احتياجاتها الأساسية بعيدا عن الضغوطات المالية.
والنظام بهذا المعنى من شأنه أن يجعل المواطن أكثر قدرة على المساهمة بشكل فاعل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
بالنسبة لكبار السن يشكل القانون الجديد داعما مهما في مرحلة مهمة في حياة الإنسان حيث يوفر لهم المزيد من الحماية والأمان المالي المضمون ويمنحهم الكرامة والاستقلالية في سنواتهم الفاصلة. وسيتم تقليل العبء على الأجيال الشابة بشكل كبير، مما يمكنهم من التركيز على بناء حياتهم والمساهمة بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني.
في المجمل لا تكمن أهمية القانون في المنافع المالية والمزايا التي يقدمها للجميع لكن أهميته تكمن في الجوانب الاقتصادية وفي الترابط الأسري وفي النظرة المثالية للوطن الذي يوفر حماية لأبنائه من المهد إلى اللحد.
إن السياسة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم هي أكبر من مجرد خطوة نحو التخفيف من حدة التحديات المالية التي قد تواجه البعض في بعض مسارات حياتهم وتحقيق المساواة في الدخل، بل هي خطوة جريئة نحو عُمان أكثر ازدهاراً وتقدما.
لقد وعد عاهل البلاد المفدى، أعزه الله، وأوفى كما عهدناه وفيا دائما، وكما عهدناه يضع راحة شعبه في أولى أولويات هذا الوطن العظيم.
حفظه الله عمان، وجلالة السلطان.