أقمار عُمان المشرقة
تستحق المرأة العمانية الاحتفاء كل يوم، إنها أحد جناحين تحلق بهما عُمان عاليا في سماوات المجد منذ اللحظات الأولى لبناء هذا الوطن العظيم تلك اللحظات البعيدة الذاهبة في التاريخ السحيق وإلى لحظة عُمان الآنية حيث تبدو السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم، حفظها الله ورعاها، في مقدمة موكب نساء عُمان الذاهبات بكل ثقة نحو مسارات المستقبل الزاهي.
ومنذ تلك اللحظة البعيدة في التاريخ وإلى لحظة السيدة الجليلة هناك ملايين النساء العمانيات اللاتي أسهمن في بناء عُمان جنبا إلى جنب مع الرجال الأشداء، تحملن أهوال الأوقات الصعبة بالصبر والجلد ونكران الذات وشحذ همم الرجال وبث روح الحياة فيهم في أشد اللحظات التي يختلط فيها اليأس بالرجاء، وصنعْن الفرحة والسعادة في لحظات الرخاء الطويلة، فكنّ على الدوام شموس هذا الوطن المشرقة نهارا وأقماره المكللة بالجمال مساء.
واليوم إذ تحتفل سلطنة عمان بيوم المرأة فإن الجميع يعي أن هذه المناسبة وقفة رمزية وتقديرية لها ولتاريخها ولأدوارها الكبيرة، وإلا فإن الاحتفاء بها فعل دائم لا يتوقف ولا ينبغي له ذلك؛ ففي توقفه توقف للحياة واختلال لطبيعتها وزوال لرونقها وإشراقها. ولذلك فإن في كل بيت من بيوت عُمان امرأة تستحق التكريم لأسباب كثيرة لا تحصى، فهي الأم التي ربّت وسهرتْ، وهي الماجدة التي غرست وكرست قيم الفضيلة، وهي الصابرة التي سهرت من أجل أن تخرّج كل هذه الأجيال التي نراها تبني عُمان في كل مكان وهي العاملة التي تعمل في كل الحقول والميادين.. فوراء كل شيء مشرق في هذا البلد العظيم رائحة لامرأة لا ينكرها أحد وأثر خالد لا ينمحي.
وإذا كان المجتمع العماني يعي مكانة المرأة ويعي دورها في بناء هذا الوطن ويعي قيمتها عند النصف الثاني من المجتمع «الرجال» فإن من المناسب أن يعلم الآخر في العالم الذي ينشغل كثيرا بسرديات حقوق المرأة في العالم العربي، مكانة المرأة في المجتمع العماني ليس اليوم فقط وإنما منذ سنوات طويلة. فالمرأة العمانية هي النواة الأساسية للأسرة، الأسرة التي هي الأخرى نواة للمجتمع، وإذا كانت قيمة المرأة، وكذلك الرجل، تتشكل وفق مكانته في الأسرة فهذا يعني أن قيمة المرأة والرجل متساوية في المجتمع لأنهما مع بعضهما يشكلان الأسرة.. ويخوض الرجال حروبا طاحنة من أجل حفظ كرامة المرأة وعدم المساس بها، أيا كانت مكانتها الاجتماعية. ولا تترك المرأة وحدها تواجه تحديات الحياة انطلاقا من تلك المكانة الرفيعة التي تحظى بها في مجتمعها فالجميع مطالب بخدمتها خاصة إذا تقدمت في العمر، إنها ملكة متوجة على عرش أسرتها ومجتمعها قياسا بما يحدث في الكثير من المجتمعات الغربية التي تتشدق بحقوق المرأة وبحرياتها.
ولذلك فإن المرأة العمانية مكرمة على الدوام، تكريما نابعا من ثقافة المجتمع وشهامة ونبل أخلاقه قبل أي قوانين ومواثيق، على أهميتها هي الأخرى، فعندما تحتفي عُمان اليوم بالمرأة لا تحتفي بحالة تغيير حدثت في ثقافة المجتمع تجاه المرأة، بل تحتفي بقيمة المرأة المترسخة في ذاتها عبر الزمان والمكان.