No Image
ثقافة

" لاكوريدا".. مجموعة قصصيّة تصوّرُ غربة المثقّف في عصر العولمة

06 سبتمبر 2024
06 سبتمبر 2024

الجزائر "العُمانية": يعود الكاتب، بشير عمري، إلى قُرّائه بمجموعة قصصيّة بعنوان " لاكوريدا" (200 ص)، صدرت عن دار الأوطان للنشر بالجزائر.

تتناول هذه المجموعة القصصيّة العديد من الثيمات المتعلّقة بالسياسة، والهُويّة، والعروبة، والانسحاق الاجتماعي، كما تُصوّر غربة المثقف في عصر العولمة، إلى غير ذلك من الموضوعات.

ومن أبرز قصص هذه المجموعة: "العودة من سرير الشرق"، و"في زحمة النهايات"، و"لغز المنظار"، و"خارج الحساب"، و"العودة من الأشلاء"، و"مجرّد مخدرات"، و"هواجس العاهة السرية"، و"الرقص بالنار"، و"لاكوريدا" و"زهرة نيس"، و"شرف الحداء"، و"المهراس".

وتعني كلمة " لاكوريدا"، التي تحمل هذه المجموعة القصصيّة اسمها، "لعبة مصارعة الثيران"، وتضمُّ قصصًا طويلة أبدع فيها الكاتب، بشير عمري، بنبض روائيّ شاعريّ؛ فكانت كلُّ قصّة عبارة عن محطة انطلاق لرواية سردية جوارية ينتهي الزمان ولا تنتهي تفاصيلها. وقد مارس القاصُّ والإعلامي، بشير عمري، الكتابة الإبداعية ردحًا من الزمن، وتمرّس بغوايتها، وصال وجال في ساحاتها ودروبها فأصبح سندبادها والقابض على نواصيها.

ويرى بعض النقّاد أنّ تجربة، بشير عمري، القصصيّة، امتازت، منذ مجموعته الأولى "ريح آخر اللّيل"، التي تعد من عطر البواكير، وصولا إلى مجموعته الثّانية "سائل العمر"، التي نشرت في ترجمتها إلى اللُّغة الفرنسية، يلمح الدّارس لهذا القاصّ هويّته السّردية الممعنة في التّجريب وتحطيم أسوار السّرد التقليدي الذي يحايث الحكي على حساب الفكرة، حيث ينظر بشير عمري بعمق إلى حركة الواقع ملتقطا المفردات المهملة أو الهامشية في وقائع سيرورة المعيش لينجز منها بهاء سرديًّا ماتعًا، كما هو الحال في قصّة "عمّن كانت تغلق الأبواب"، التي يجعل فيها موضوعة الحب تتموضع بالتّوازي اختلافا مع أطرافه، أي الحبيبين البيولوجيين، فيقيم التّماثل بين الحبيبين وبَابيْ بيتيهما اللّذين يشكلان في تقابلهما موقفا غزليا، ينفتح على اللّقاء نهارا، وينغلق على الفراق ليلا، فتحيل العملية السّردية على نوع من الأنسنة لعناصر الواقع، بما فيها الجمادات، وبالتّالي يتفجّر المكان في القصّة من فكرة التشظي الوحداتي لمفاعيل الحركة في الواقع/ المكان، والتي مآلها إلى القلوب التي تآكلت نبضاتها فخمد بريق التلاقي في حامليها، وأُهمل المكان في خضم الواقع المتحوّل بسرعة رهيبة.

وفي قصّة "أنيس وزهرة نيس" يستمرُّ بشير عمري في إنجاز هيكل المتاهة السّردية التي تحاصر الممرّات كلّها لتضع العلامة المميّزة عند كل انعطافة سردية، ويشكّل النصُّ على المستوى الفنّي في إنتاجية المعنى على هامش موضوعة الزّهرة وعلاقة المجتمع بها كقيمة جمالية، ذلك الإحساس المغيّب والغائب في علاقة المتلقّي بالجمال، فهو ابتداء يقرن البحث عن زهرة نيس بالجدار.

يُشار إلى أنّ بشير عمري من مواليد 1970 بولاية بشار (جنوب الجزائر)، وسبق أن أصدر العديد من الأعمال، أبرزُها "حول السقوط وأزمة الخطاب السياسي" (منشورات الاختلاف، الجزائر 2002)، و"العودة من بعيد.. في التاريخ الرياضي" (دار هومة للطباعة والنشر، 2003)، و"ريح آخر اللّيل" (رابطة إبداع، الجزائر، 2005).