سليمان الراشدي يكتب سيرة السيد طارق بن تيمور
يحكي سليمان بن جابر بن علي الراشدي في كتابهِ «رجال خلّدهم التاريخ» سيرة صاحب السمو السيد طارق بن تيمور بن فيصل بن تركي آل سعيد، الرجل السياسي العسكري والقيادي المحنك سليل السلاطين الذي عاش في القرنِ العشرين، وعايش أوضاع عُمان العصيبة فتاقت نفسه للتغييرِ والإصلاح ونقلِ عمان من الظلام للنور، وقد كُتِب هذا البحث تعزيزًا لمكانةِ السيد طارق بن تيمور، وإثراء لتجربتهِ، ولتكون سيرته نموذجا يحتذى في القيادة والنضال.
يقع الكتاب -الصادر عن مكتبة بذور التميز- في أربعةِ فصول، ويبلغ عدد صفحاته 168 صفحة، وقد استهلَّ الكاتب كتابهُ بشجرةِ نسبِ السيد طارق بن تيمور، ثمَّ عرج لمقدمة الكتاب تلتها مقولة لصاحب السمو يذكر فيها: «إمكانات عُمان ليست كإمكانات إمارات الخليج، وعُمان دولة قديمة وبإمكانها تقدير هذهِ الإمكانات في المستقبل، وكل من وصل لتقدير الواقع أخذ فكرة جيدة»، ثم أورد رسالة سمو السيد طارق لكافة المشايخِ والعلماءِ والأعيانِ والموظفين والجنودِ والمواطنين العمانيين، كما أورد كلمته التي ألقاها في مقر الأمم المتحدة بمناسبة انضمام سلطنة عمان للمنظمة في 7 أكتوبر 1972م.
بعدها شرع الكاتب في الفصل الأول الذي تحدث فيهِ عن حياةِ سمو السيد طارق بن تيمور عن كثب؛ فقد عرج للحديثِ عن نسبهِ ومولدهِ، ونشأته وتعليمهِ، وعن والديه، وهواياتهِ، وشخصيته، وحياته وزوجاتهِ وأولاده، ويبيِّن الكاتب في هذا الفصل الظروف التي صَحِبت تكوين هذه الشخصية الفذة، فالمحيط له دور في تشكيلِ معالمِ شخصيتهِ، وهمة سمو السيد طارق بن تيمور وعزمه كان لهُما الدور الأكبر في النهوضِ بعمان؛ فقد اهتمَّ السيد بالأصالةِ العمانية التقليدية حتى لا تفقد عمان هويتها، وانتقل بين عدة أمصار لطلب العلم وتحصيلِ المهاراتِ القيادية، وكانت له محاولات كثيرة من أجلِ نهضة البلدِ ورفعِ الظلمِ عن أهله من أجلِ التقدم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية واستغلال إمكانات البلاد؛ لرفعِ شأنِ الوطنِ وأهلهِ في ظل الشريعة الإسلامية.
أمَّا عن الفصل الثاني فقد تحدث فيهِ الكاتب عن الدور السياسي والتربوي لصاحب السمو السيد طارق بن تيمور؛ فسمو السيد طارق بن تيمور كان قريبا من الشعب متواضعا خلوقًا تتجلى في شخصهِ القيم الإسلامية، كما أورد الكاتب في هذا الكتاب كذلك دوره في القيادة العسكرية، وعمله مفتشًا عامًا للولاة، ونائبًا لرئيس البلادِ عند سفره.
واختتم الراشدي الفصلَ بذكرِ دستور سمو السيد طارق المؤقت الذي ابتكره، وهذا يبرز مدى اطلاع سمو السيد طارق بن تيمور على أنظمة الحكم، ويبين مدى أهمية وجود دستور ينظم البلاد، وهو كذلك سبيل لتنظيم العلاقات المختلفة بين أجهزة الدولة.
وتناول الراشدي في الفصل الثالث المناصب التي تولَّاها سمو السيد طارق بن تيمور في أثناءِ حكمِ السلطانِ قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ومن المناصب التي شغلها منصب رئيس مجلس الوزراء في أول حكومة شكّلها السلطان قابوس، ثمَّ عمل بعدها مستشارًا للسلطانِ وممثلًا لهُ في العديد من القضايا والمحافل الدولية، كما أشرف على جميعِ سفارات سلطنة عُمان بالخارج، وتقلّد منصب مستشار خاص في الشؤون الدبلوماسية، ويضم هذا الفصل كذلك أعمال سمو السيد طارق خلال رئاستهِ لمجلس الوزراء، والمنجزات السياسية والاقتصادية التي تحققت لسلطنة عُمان أثناء شغلهِ رئاسة مجلس الوزراء فقد انضمت السلطنة للعديد من المنظمات الدولية والإقليمية التي كان أبرزها: هيئة الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، كما تخرّج أول فيصل من الشرطة تحت رعايته، وتولى رئاسة مجلس المحافظين العماني فكانت العملة العمانية تحت توقيعه، وعمل سمو السيد طارق على استقطابِ الشخصياتِ العمانية المعارضة الذين كانوا خارج عمان فانضموا إلى الحكومةِ للنهوض بالدولة، ولعل الإنجاز الأخير يعد خطوة شجاعة جريئة من سموه، واختتم الفصل الثالث بذكرِ تفاصيل وفاة سمو السيد طارق، فبعدَ عشر سنوات من عمر النهضة ترجل الفارس عن صهوةِ جياده، وودع حبيبته عُمان بعد تفانيهِ في خدمتها.
وفي الفصل الأخيرِ يورد الكاتب صورا من الوثائق والصحف المحلية والعالمية التي غطَّت أخبار سمو السيد طارق وأنشطتهِ وجهوده السياسية قبل بزوغ فجر النهضة وبعدها، وتشمل الصور أخبارًا وتصريحات وخطابات ووثائق وملفات لسمو السيد طارق، كذا تتضمن صورا تذكارية لسموهِ في العلاقات السياسية.
ختاما يمكن القول أنَّ هذا الكتاب الذي لا يبلغ مائتي صفحة كفيل بإبرازِ عَلَمٍ من أعلام الدولة البوسعيدية، ويمكن عَدُّهُ من القليل الجزيل، فقد جمع الكاتب مادته رغم شحِّ المصادر، وحاول جاهدا إبراز شخصية سمو السيد طارق بن تيمور وذكر مآثره وتأثيرهِ في بلدهِ وتأثُّرهِ بها، وقد تكبد سموه المشقة سعيا للإصلاح، ولم يألُ جهدا في تقديمِ النصحِ والمشورة للارتقاءِ بعُمان.