جلسة حوارية تناقش القيم الفكرية والأدبية لفلسطين
نظم صالون مداد الثقافي جلسة حوارية بعنوان "فلسطين.. أبعاد فكرية وثقافية" استضاف فيها الدكتورة شفيقة وعيل، والشاعر أحمد العبري والكاتب علوي المشهور، في النادي الثقافي، وأدار الأمسية سالم الرحبي، بحضور عدد من الأدباء والمهتمين.
وأشارت الدكتورة شفيقة وعيل عن دور الأدب في تغذية الذاكرة الجماعية باللغة والكتابة في مواجهة الإبادة، بأن كل النظريات الأدبية تسقط في الظرف الذي نعيشه، ففلسطين هي القضية والعقيدة والإنسانية، ولا يستطيع الأدب أن يخفف عن فلسطين، فالظرف الذي نعيشه اليوم يحتاج قلبا يتجاوز الصدمة، وهذه ليست حربا وإنما إبادة مؤسس لها بسبق الإصرار والترصد.
مبينة أن التحدي الذي يرفع في مثل هذه الأزمات هو تحدي الجمالية وتحدي العقيدة، بأن تكون فلسطين جمالية أدبية وأن تكون عقيدة إنسانية ودينية ووطنية وقومية، وتضيف: أتوقع ألا يسقط الأدب في فخ الابتذال، وأن يرتفع بنفس مستوى فلسطين، لأن القضية كبيرة والوجع الإنساني كبير جدا، وعلى الأدب أن يكون فلسفة، والنظريات التي كانوا يصدرونها لأن نكون مفكرين عصريين، اكتشفنا اليوم أنها بميزانين، وأصبحنا نميز بين قيمنا وقيمهم، فقيمنا هي الحرية والعدالة والإنسانية.
وتطرقت وعيل إلى القضية الفلسطينية داخل الحرم الجامعي فتقول: عندما يكون هناك حراك عالمي فاعل نجد الطلاب في قلبه، وإذا فتحنا موضوع فلسطين في القاعات سنجد النفس باكيا، ونحن نتوجع لما يحصل في غزة، ومع الوقت نحاول أن نقلب الصفحات، ولم نعد أن تحمل أن نراه، والذي فعلته غزة أنها غيرت النموذج المعرفي الذي كان مفروضا علينا، لم يعد الفلاسفة الكبار هم الفلاسفة المعترف بهم، ولم تعد القيم الغربية هي القيم المركزية، الآن صار المركز فلسطين باختصار لما تمثله من هوية قيمية من عروبة في اللغة والتنوع المجتمعي حتى في الدين، وقد اجتمع العالم كله بأن فلسطين هي المركز.
أما الشاعر أحمد العبري فأوضح بأن الرمزية الدينية لفلسطين بالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، فالقدسية تأسست قبل الإسلام في جناح هذا المسجد. والقضية لم تبدأ في عام 1948 وإنما بدأت منذ الاحتلال البريطاني بتدنيس المسجد الأقصى واستعمار القدس، وهناك قصيدة الشيخ راشد بن سعيد المعولي فيما يقارب ستين بيتا نشرت في مجلة الشباب بمصر عام 1937، تناولت أهمية هذا المسجد، وتدنيسه من قبل الاستعمار البريطاني، مضيفا بأن فلسطين قضية قدسية وعندما امتدت اليد للتفاوض لم يصلوا لشيء ففلسطين لكل المسلمين ولا يحق لنا أن نفرط بها.
وانتقل العبري للحديث عن قصائد محمود درويش الذي تأثر به الكثير من الطلاب شعريا، والشعراء الكبار تبنوا فلسطين وقدموا الكثير لها، ولكن تتطلب الكتابة ثراء معرفيا وفكريا وسياسيا للكتابة عنها، وفي الوقت الراهن نجد مجموعات الشعراء تجتمع حول قضايا يناقشونها شعريا، بعيدا عن القضايا الأصيلة كالقضية الفلسطينية، فهم يرضون دواخلهم، والبعض ينزوي في السنوات الأخيرة للكتابة عن ذاته ولا يشتغل بهذه القضايا التي أفسدتها السياسة لينأى بنفسه عنها، وهي تعود للوعي لأن فلسطين لو كانت مهمة للشاعر لكتب عنها.
أما الكاتب علوي المشهور فتطرق إلى المركزية السياسية على الصعيد العالمي، حيث القضية الفلسطينية انطلقت من العالم العربي إلى العالم ككل، وتاريخيا، لا يمكن فصل القضية الفلسطينية عن محيطها والأحداث السياسية المجاورة في مصر والعراق وسوريا والأردن في تلك الحقبة، فالكثير من المؤرخين لم يجدوا موقفا واحدا وواضحا وجادا لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية. كما أننا نجد على المستوى الخليجي من الأسباب ما ساهم في تشكل القوميين العرب في الخمسينيات، والطليعة التي تأثرت بالقضية الفلسطينية، وكانت دافعا لتسييس الشعوب، فالقضية الفلسطينية كانت قضية مركزية لكل العرب، فهي تقع في قلب البلدان العربية تربط بين الشرق والغرب، وفي قلب العالم القديم، لذلك كانت دائما مطمعا عالميا.
وعن المستعمرات في تاريخ كل دول العالم يوضح المشهور بأن الواقع يشير إلى وجود حركات مقاومة مسلحة فاعلة وهناك حراكات تقوم بعمليات، إلا أن الأنظمة السياسية تتجاهلها، وينشرون إعلاميا الجانب المشرق للغرب، ونجد ذلك في الرموز كغاندي في الهند ومانديلا في جنوب أفريقيا، وتم استبعاد المسلحين إعلاميا الذين قادوا الحراك والمفاوضات. فهي تحاول أن تفرض نموذجا تصدره ليكون شعورا عاما، ولذلك نجدهم يون بأن ما تقوم به إسرائيل لا يشار له بالعنف على الرغم من كل فظاعته ووحشيته، تحت شعار أنها تحاول الدفاع عن نفسها.