حلم الحصول على أرض في مسقط متى يتحقق؟
الإسكان لم ترد على أسئلة عمان رغم منطقيتها !
تحقيق - نوح بن ياسر المعمري -
أن تحصل على أرض في محافظة مسقط فهذا حلم ليس من السهل تحقيقه!! ولأنه حلم الجميع تقريبا خاصة سكانها الأصليون ومن أجبرتهم ظروف العمل على الإقامة فيها فإن أحلاما كثيرة تراكمت في أروقة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني. وباتت أروقة الوزارة مستودعا للكثير من تلك الأحلام، تتراكم حلما فوق حلم، وأرشيف عام فوق أرشيف العام الآخر من الأحلام التي يمكن أن تفضي لو تحققت للاستقرار ببناء منزل "الأحلام".
بعض تلك الأحلام المتراكمة تجاوز عمرها 9 سنوات وما زال أصحابها ينتظرون الفرج. ولأن حلم الحصول على أرض في مسقط مرتبط بحلم آخر فإن البعض، وربما، الكثيرين اختاروا البنوك لتمويل "أحلامهم".. قرض كبير يمول لهم شراء أرض ثم قرض آخر لبنائها. وبذلك يتحول الحلم الأول إلى كابوس ديون لا تنتهي أبدا.
وتأخر طلبات الحصول على أراض في محافظة مسقط ليست قصة جديدة، ولكنها متجددة مع كل منعطف تمر به الوزارة، ويطرح مع كل تحديث فيها وتجديد.
وفيما عبر الكثير من المواطنين عن انزعاج واستياء من تأخر الطلبات وآلية عمل التوزيع رأى ممثلو ولايات محافظة مسقط في المجالس البلدية أن الإسكان تعمل حسب تواريخ معينة للتوزيع، وإنهم شركاء للوزارة في دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة وتقديم التوصيات بشأن تنظيم مخططات المناطق السكنية والتجارية والصناعية والسياحية.
«عمان» اقتربت من هذه القضية وحاولت البحث فيها والتقت بعدد من ممثلي ولايات محافظة مسقط في المجالس البلدية والمواطنين للوقوف على الإجراءات المتبعة في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لتوزيع الأراضي وما هي الخطط المستقبلية لتفادي تراكم الطلبات وتأخر التوزيع.. ورغم أن وزارة الإسكان هي الجهة الأهم في الرد على هذه الأسئلة وتوضيحها إلا أن ردها لم يصل رغم المرات الكثيرة التي حاولت الجريدة فيها الحصول على رد خلال مراحل كتابة هذا التحقيق.. وتمثلت الأسئلة التي وجهتها الجريدة للوزارة حول عدد طلبات الأراضي في محافظة مسقط، وآلية الاستثناءات وعددها منذ عام 2008، وما هي الظروف التي تقدم خلالها تلك الاستثناءات، ومتى من المتوقع أن يتم الانتهاء من توزيع طلبات الأراضي للدفعات 2008 و2009 و2010 بمحافظة مسقط. وحول تساؤلات المواطنين إذا انتهت الشركة المتخصصة من تسوية أراضي المحافظة لتوزيعها وأين تقع تلك المخططات المقترحة للتوزيع وكم عدد الأراضي المتوقع أن يستوعبها كل مخطط؟ وهي أسئلة عادية جدا ولا تحتاج إلى كل هذا التأخير في الرد عليها ناهيك عن التحفظ على الإجابة.
كما طرحت الجريدة أسئلة حول هل توقفت الوزارة عن استقبال طلبات الحصول على أراض سكنية بمحافظة مسقط، وماهي الشروط التي تنطبق على أبناء المحافظات لتقديم الطلبات في مسقط، ومتى سيبدأ إنشاء المجمعات السكنية في المحافظات؟ وما هي الولايات المتوقع أن يتم الإنشاء فيها، وما هي المعايير التي وضعتها وزارة الإسكان للحصول على فلل بإحدى المجمعات السكنية.
التوزيع مناسب حسب التاريخ
تحدث سالم بن محمد الغماري عضو المجلس البلدي ممثل ولاية مطرح عن الآليات المتبعة في توزيع الأراضي بمحافظة مسقط الحالية مؤكدا أنها مناسبة حسب تواريخ تقديم الطلب وحسب الأرقام الإلكترونية والترتيب الأبجدي في حالة التشابه ولكن هناك إشكالية حول الاستثناءات من قبل أصحاب القرار، معتقدا أن على الوزارة وقف الاستثناء قدر الإمكان وتحويل الموضوع إلى إلكتروني بحيث يستطيع كل صاحب طلب الدخول إلى موقع الوزارة ومتابعة خط سير طلبه وموعد وصوله.
وأشار الغماري أنه لا يوجد تنسيق بين الوزارة وممثلي الولايات في المجلس البلدي إلا في حالة وجود تخطيط في ولاية معينة فهنا يتم إشعارهم، ولكن المخططات لا يستشار فيها الأعضاء في التوزيع، مؤكدا أهمية مناقشة اللجان البلدية في الولايات قبل توزيع المخططات الواقعة في نطاق الولايات، وفي الوقت نفسه أهمية الاستعجال في تسوية بعض المخططات في ولاية مطرح حتى يمكن الحصول على عدد من الأراضي وتوزيعها على أبناء الولاية.
وقال: "أرى من وجهة نظري أنه يجب الانتقال في توزيع الأراضي السكنية لمرحلة أخرى وهي أن تسهل الوزارة للراغبين من أبناء محافظة مسقط الحصول على أراضٍ سكنية خارج المحافظة "في أي محافظة أخرى" وذلك لتقليل تكدس الطلبات في العاصمة".
مطالب بآليات دقيقة للتوزيع
أما حمد بن خلفان الوهيبي عضو المجلس البلدي في ولاية مطرح فأشار إلى تكدس طلبات توزيع الأراضي مما سبب قلق الأهلي المستحقين لها من هذا التأخير، موضحا بأن على "وزارة الإسكان" أن تضع الآليات الدقيقة في توزيع الأراضي وتشرح تلك الآليات للمواطنين ليكونوا على دراية بها، كما عليها وقف الاستثناءات المتكررة التي تخرج من أروقة الوزارة دون مراعاة مبدأ المساواة بين الجميع. الوهيبي تطرق أيضا إلى مقترح التوسع على أطراف محافظة مسقط، مشيرا بأن هناك العديد من الأراضي البيضاء التي لم تستغل إلى الآن، مما يؤهلها لإقامة مدن كبيرة عليها. وقال الوهيبي: إذا لم تتمكن وزارة الإسكان من توفير أراض لعدد قليل من المواطنين منذ عام 2008، فكيف سيكون الوضع خلال الأعوام القادمة، وما هو مصير الأجيال القادمة التي يفترض أن تحصل على حقوقها المطلوبة في المأوى والسكن.
ربع قرن من الانتظار
وتحدث المواطن سعيد بن مرهون المعمري بأنه تقدم بطلب الحصول على أرض سكنية بمحافظة مسقط منذ ما يقارب 25 سنة، حيث قدم طلبه في عام 1992، ولم يحصل على الأرض إلى الآن. وتعود قصة هذا المواطن كما يسردها للجريدة إلى أنه كان يتردد كثيرا على وزارة الإسكان، حتى أخبره الموظفون في الوزارة أن اسمه يتشابه مع أسماء 13 شخصا لديهم طلبات أراض في ولاية البريمي، وبعد مراجعة المديرية العامة لإسكان البريمي، وإحضار الأوراق الثبوتية التي تفيد بأنه لم يتقدم بطلب الحصول على أرض في ولاية البريمي ظهر له مطب آخر وهو أن يثبت أنه لم يحصل على أرض في محافظة جنوب الباطنة، وبعد تردد طويل على وزارة الإسكان والمحافظات تم إعطاؤه أرض في "النحيث" على أطراف ولاية العامرات. وقال المعمري: إن السيارات الصغيرة لا تستطيع الوصول إلى موقع أرضه، ولذلك لم يدفع رسوم الأرض حتى يتم مراعاة طلبه القديم الذي مر عليه 25 سنة، وهو ما زال ينتظر الفرج عسى أن يكون قريبا.
من جانبه قال يوسف الحبسي: 9 سنوات مرت على الطلبات المقدمة للحصول على الأراضي السكنية بمحافظة مسقط إلا أنها إلى الآن لم تجد المخرج الذي طال انتظاره لهذه الأراضي بالمحافظة، مواصلا حديثه بالقول: "رغم تبرير وزارة الإسكان لأسباب تأخر توزيع الأراضي إلا أن هذا لا يغير في حاجة الناس للأرض التي يأتي معها الاستقرار وتحقيق حلم البناء، والتخلص من كاهل الإيجار الشهري وما يصاحبه من زيادات بين الحين والآخر ما يضيف صعوبات كبيرة على الحالة الاقتصادية والمالية للمواطن". وأضاف الحبسي: بين فترات متباعدة تعلن وزارة الإسكان عن توزيع عدد بسيط من الأراضي بمحافظة مسقط مقارنة بالطلبات المقدمة، مما يشكل قلقا في الحصول على الأراضي.
طلب آخر منذ 2008
المواطن أحمد العبري أشار في حديثه بأنه تقدم بطلب الحصول على أرض سكنية منذ عام 2008م ولكن إلى الآن لم يحصل على الأرض التي هي حق من حقوقه كمواطن، موضحا أن السنوات تمضي ويمضي معها العمر والإيجارات ترهق كاهل المستأجرين، حيث يصل الإيجار الشهري لأكثر من 400 ريال عماني، موضحا بأن على وزارة الإسكان أن تجد الحلول للحد من تزايد الطلبات وتكدسها فتسوية الأراضي أصبح مطلبا ضروريا.
كما أشار بأن الطلب مر عليه العديد من السنين وهو ينتظر الفرج، مقترحا على وزارة الإسكان العمل على توسعة الأراضي السكنية على الأطراف واستغلال الأراضي التي تقع على الطرق السريعة الاستغلال المثالي لتوزيعها على المواطنين، كما أن هناك العديد من الأراضي المحجوزة بمساحات كبيرة وغير مستفاد منها، فالفائدة يجب أن تكون أوسع وأشمل لمثل هذه الأراضي.
9 سنوات ذهبت هباء
المواطنة غالية بنت ناصر المحروقية قصتها تختلف عن القصص الأخرى، حيث أنها تقدمت بطلب الحصول على أرض سكنية منذ عام 2008 وتم قبول طلبها، وبعد المراجعات المستمرة خلال مدة 9 سنوات تم إخبارها بأن معاملتها في الانتظار وأن الدور سوف يصلها مثل باقي المواطنين، إلا أنها تفاجأت خلال نهاية النصف الأول من عام 2019 بأن طلبها موقوف إلى أن يتم تغير مكان الإقامة، وذلك يتطلب منها أوراقا وشهادات عديدة منها مقر إقامة الزوج والشهادات الدراسية واستمارة الأحوال المدنية وصورة من ملكية المنزل، ويجب أن لا تنسى بأن استمارات الأحوال المدنية موقعة من الشيخ ووالي الولاية وتتعهد بعدم تغيير مقر الإقامة مرة الثانية.
ومر عليها الدور وهي تحاول أن تصدق أجزاء القصة، متسائلة أين الإسكان عن الطلب منذ 9 سنوات، ولماذا لم يتواصلوا معها كمواطنة. وقالت: "بأن طلبي ناقص، هل أنا أتحمل المسؤولية أم الإهمال الذي حدث منهم"، متفاجئة بأن مراجعتها للوزارة أكثر من 10 مرات ولم يتم إحاطتها أن طلبها ناقص إلا هذا العام، وهل عليها انتظار الطابور الجديد الممتد لسنوات أو أن الفرج قريب بعد التعديل؟
مؤتمر صحفي
ومؤخرا أفصح المؤتمر الصحفي الذي عقد الاثنين الماضي حول الخطة التنفيذية لوزارة الإسكان 2021 أن عدد طلبات الحصول على أراضي في محافظة مسقط وصلت 123.025 طلبا، منها 28% للذكور، بعدد 51.403 طلبات، و72% للإناث، وأشار المؤتمر بأن الطلبات كثيرة ولا بدّ من إعادة النظر فيها فقد نحتاج إلى 30 سنة لتغطية جميع الطلبات، فهي لا تعبر عن الحاجة الماسة للذين تقدموا للحصول عليها. وبين المؤتمر أن نسبة الأراضي المملوكة غير المعمرة بمحافظة مسقط وصلت 40 %.