الحوار : أفضل الوسـائل للتعــبير عــن الرأي
للوصول إلى الحلول وتحقيق المطالب -
تحقيق :سهام بنت محمد الحنظلية -
لا يمكن لأي مجتمع من مجتمعات العالم، أن يحقق التنمية والازدهار دون استقرار، ولتحقيق هذا الاستقرار يجب أن تترسخ ثقافة الحوار وروح التسامح والتنوع الفكري لدى المجتمع، ولكي نضمن التغلب على التحديات التي تواجه المجتمع بأقل كلفة، وأسرع وقت، فلابد من إرساء مبدأ الحوار والتفاهم.
وتتعدد الأساليب والطرق المستخدمة في توصيل آراء وأصوات ورسائل أفراد المجتمع للجهات المختصة، حيث من المهم أن يمنح أفراد المجتمع الحرية والمشاركة في إبداء الرأي، وهذا من شأنه أن يعزز شعور انتماء ابناء المجتمع لوطنهم. ولعل من أهم الأساليب التي تعتبر فعّالة وناجحة في توصيل الرأي هي المناقشات والحوارات البناءة التي تعبر عن إدراك الفرد وقدرته على اختيار الوسيلة المناسبة لتحقيق هدفه المنشود، لكن هناك أيضا من يتبع أسلوب المقاطعة لخدمة من الخدمات عندما لا تلبي طموحاته .الآراء التالية تعبر عن اختيار وسائل التعبير عن الرأي ومدى فاعليتها وجدواها.
البداية كانت مع سعادة ناصر بن راشد العبري، ممثل مجلس الشورى لولاية الرستاق، حيث قال: هناك عدة وسائل أمام الأفراد لاتباعها لتوصيل آرائهم، ضد أو مع موضوع معين، ومن هذه الوسائل مجلس الشورى، ويعتبر مجلس الشورى مشابها للمجلس الذي اعتاد المواطنون مناقشات آرائهم ومقترحاتهم من خلاله.
ويشاركه يوسف بن درويش العامري، مدرب دولي في التنمية البشرية، الرأي في عدم اللجوء بادئ الأمر إلى المقاطعة وقال: الطريقة الصحيحة هي التي تكون بعيدة كل البعد عن التشنجات، وخلق البلابل. وتعتبر الطريقة الصحيحة هي طريقة الطرح الحواري النقاشي، وأيضا ترك المجال للطرف الآخر ليجيب عن الاستفسارات والتساؤلات. وألا تكون المطالبة آنية وسريعة؛ لأنه يجب أن نعي أن الكثير من الحلول تحتاج إلى وقت وتدرج في الطرح.
ويتفق علي بن خالد الغيلاني، وهو خريج التقنية العليا مع سابقيه في ضرورة اعتماد مبدأ الحوار في التعامل مع هذه القضية ويقول: الحوار المبني على أسس وحقائق علمية، هو الوسيلة التي من خلالها يصل المواطن لتحقيق رغباته، وتوصيل كل آرائه للمختصين في كل المجالات.
ويقول خالد بن سالم السيابي (كاتب عماني): أرى أن المواطن من خلال التعبير عن رأيه بطريقة سليمة يصل إلى الأهداف والمطالبات التي يريدها من الجهات المختصة، وللحوار أهمية كبيرة في حياتنا اليومية، فهو مهم لتحقيق التقارب والتجانس بين الأفكار. كما يلعب الدور الأساسي في توصيل أصوات المواطنين للجهات المعنية والمسؤولة عن مشكلة ما.
وهو نفس ما حدثنا عنه الطالب مازن بن سعيد الغشري من جامعة صحار قائلا: الحوار الهادف والبناء له دور كبير في إيصال المطالبات التي يطالب بها الإنسان، فهو سلاح هادئ ذو طبيعة سحرية؛ فالحوار لغة يسيرة ذو نتيجة عظيمة لأن منهجية الحوار قائمة على احترام الرأي والرأي الآخر بغض النظر عن اختلاف الفكر والرأي والعمر وغيرها من الأمور في هذا السياق.
وللتأكيد على أهمية الحوار في حياتنا أوضحت الطالبة وفاء بنت خميس الحنظلية، خريجة جامعة نزوى قائلة: الحوار هو العمود الفقري لتوصيل أي فكرة، لذلك نجد دائما أن المجالس كالمجلس البلدي ومجلس الشورى وما شابها هي تعتبر الانطلاقة الرئيسية لطرح نقاش وحوار حول مشكلة معينة مع الجهات المعنية سواء حكومية أو أي جهة أخرى.
ويضيف اسحاق بن هلال الشرياني، عضو اللجنة الوطنية للشباب قائلا: يمثل الحوار حلقة الوصل بين الطرفين (المواطنين والجهات) لأجل معالجة وإيجاد الحلول المناسبة لجميع الأطراف المتحاورة.بينما يقول خلفان بن سعيد العامري، المذيع بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون: لا شك أن الحوار له تأثير في إيصال الرسائل؛ فهو وسيلة فعّالة يمكن من خلالها التعامل مع التحديات التي نواجهها، فقد تكون الجهات المعنية والمسؤولة غافلة عن نقاط مهمة لموضوع معين، وبالحوار تصل إليها. ويضيف : كذلك الحوار مع الجهات المعنية يفتح آفاقا لمعرفة مزيد من المعلومات عن المشكلة وأسبابها وكيف يمكن حلها، فلكل وسيلة وطريقة أسس يجب اتباعها، كذلك الحوار له أسس ليكون ناجحا وسليما. ويعد الحوار من أرقى الوسائل التي يجب اتباعها لنرتقي لأعلى مستويات النهضة، ولإتقانه لا بد معرفة أسسه وضوابطه.
حوار بنَّاء
وفي محاولة لإعادة طرح القضية، بعدما تأكد لنا جدوى الحوار، ارتأينا أن نلتقي بنفس الأشخاص الذين شاركونا شطر التحقيق الأول، ولكن هذه المرة للوقوف على أهمية الحوار البناء. يقول ناصر بن راشد العبري، عضو مجلس الشورى: إن من أهم أسس الحوار البناء احترام الطرف الآخر، فالحوار الهادئ يحقق أمورا كثيرة. ويضيف يوسف بن درويش العامري، مدرب دولي في التنمية البشرية قائلا: يجب أن يكون الحوار هادفا ومنطقيا وعقلانيا وأن يصب في المصلحة العامة، وأن يكون لديه القدرة على التأقلم مع المعطيات وأيضا يكون مبنيا على الوصول إلى مصلحة معينة وثابتة وكذلك يكون مرنا، ويجب أن تتعدد البدائل في الحوار ويبعد كل البعد عن المصالح الشخصية.
كما أشار الطالب مازن بن سعيد الغشري من جامعة صحار برأيه قائلا: الحوار البناء يقوم على أسس أرى من بينها أن احترام الرأي والرأي الآخر هو من أهم هذه الأسس، وذلك لأن احترام رأي الآخرين يمثل الركيزة الأساسية في الحوار المنهجي الناجح وذلك لأنه وبطبيعة الحال كيف لنا أن نصل إلى حوار بناء ونقاش هادف إن لم نحترم رأي الآخرين؟ وإضافة إلى ذلك من بين الأسس الأخرى امتلاك ثقافة الحوار وأيضا التسلح بالمعرفة والثقافة العامة.
نشر ثقافة الحوار
وحول دور المؤسسات في نشر ثقافة الحوار البناء بين المواطنين، يحدثنا إسحاق بن هلال الشرياني فيقول: الدور الذي تأخذه المؤسسات لنشر الحوار يتمثل من خلال تعزيز وتنمية ثقافة الحوار كمدخل للتفاعل الاجتماعي، وأيضا تعزيز وتطوير ثقافة الحوار كمدخل لتماسك المجتمع واستقراره، وكذلك تنمية منظومة القيم الاجتماعية لدى مختلف فئات المجتمع، وأخيرا تنمية القدرات على العمل الجماعي من خلال التعاون والتبادل الفكري والعلمي.
ويضيف علي بن خالد الغيلاني، خريج التقنية العليا قائلا: يجب على المؤسسات أن تشجع ثقافة الحوار وإبــــــرازها كغاية للوصول إلى الأفكار أو الحلول، ووسيلة لإشراك أفراد المجـــتمع بها.
ويشير الطالب مازن بن سعيد الغشري من جامعة صحار قائلا: إن الدور الملقى على المؤسسات لنشر ثقافة الحوار البناء دور كبير، إذ إن احتضان هذه المؤسسات لمبادرات الحوار البناء أمر جدير بالاعتبار ويجب أن يكون دور المؤســـــسات أكثر فاعلية. فهذه المؤسسات لا بد أن تنتهج سياسة متفردة من أجل النهوض بثقافة الحوار الهادف وأيضا عليها الاهتمام بفئة الشباب وإعطائهم الأولوية باعتبارهم الفئة الأكثر تأثرا وتأثيرا.
وتقول وفاء بنت خميس الحنظلية من جامعة نزوى: برأيي المؤسسات التعليمية تلعب الدور الأكبر لنشر الحوار البناء بين المواطنين ومثال على ذلك المدرسة، ففي المدرسة يتعلم الطلاب طريقة الحوار السليمة وبذلك سيتم تطبيق ما تعلموه خارج محيط المدرسة.
المقاطعة بين التأييد والرفض
تعدد الوسائل المتبعة لتوصيل صوت المواطنين للجهات المعنية أصبح أمرا يجب أخذه بعين الاعتبار، فالكثير يلجأ لاتباع وسائل لا تحقق أي هدف أو غاية دون التفكير بالنتائج المترتبة من خلالها. ومن هذه الطرق المتبعة المقاطعات ففي بعض الأحيان قد تكون وراء هذه المقاطعات نتائج إيجابية ومن الجانب الآخر قد تكون سلبية؛ لأنها تفتقر لنوع من الحوار أو النقاش المفتوح بين المواطنين والجهات المعنية؛ وبالتالي هذا يؤدي لفشل توصيل مطالبهم وحاجاتهم. وحول هذه النقطة يحدثنا يوسف بن درويش العامري، مدرب دولي في التنمية البشرية قائلا: بالتأكيد ان الكثير من المقاطعات لن تأتي بالنتائج المرغوبة، وقد يكون السبب أنها غير منظمة بالشكل الكافي ووجود بعض التشنجات أحيانا ولكنها مجملا في وجهة نظري أنها ناجحة لو وضعت بآلية صحيحة لأنها تعتبر واحدة من نقاط الضغط القوية ،لكن أن تكون منظمة ومدروسة ومقيدة بشكل صحيح ومصحوبة بالأهداف.
ويعارضه الرأي مازن بن سعيد الغشري من جامعة صحار قائلا: لا أؤيد المقاطعات لعدة أسباب منها النتائج السلبية المترتبة من خلالها، فهي تزعزع الثقة بين المواطنين من خلال نقل الإعلام للصورة التي ينشدها المواطنون سواء بالطريقة المرئية أو المسموعة أو المقروءة وما يشوبها أحيانا من تضخيم.
كذلك هذه الأصوات قد تصل مفبركة ليست على حقيقتها مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، فصوت المواطن يعبر عن حرية الرأي التي كفلها القانون وبالتالي لا يمكن التلاعب به. وإضافة إلى ذلك مصداقية الرأي تعتمد على الوقائع التي من جرائها ظهر هذا الرأي، فالمقاطعات الأخيرة ما جاءت إلا نتيجــــة انعدام الوسيلة التي توصل رأي المواطــــــنين.
ويوافقه الرأي خالد السيابي إذ يقول: النتائج في معظم المقاطعات لم تكن إيجابية لأن ثقافة المقاطعة الصحيحة غير منتشرة معنا بشكل واضح أو وفق قواعد سليمة وإنما هي عشوائية غير مدروسة.
دور الأسرة والمؤسسات
تتركز الحلول حول نشر ثقافة الحوار بين المواطنين على الأسرة بشكل كبير. فتبدأ من الأسرة أولا من خلال تحاور الأب مع أبنائه وكذلك الأم بتغيير قناعاتهم وتعديل سلوكهم.
وبعد ذلك ينتقل للمؤسسات التعليمية مثل المدرسة والجامعات وغيرها. وهذا ما حدثنا عنه خلفان بن سعيد العامري رأيه فيقول: برأيي هناك مجموعة من الحلول لنشر ثقافة الحوار السليم، تبدأ من الأسرة التي يجب أن تربي أبناءها على الحوار وآدابه وتعوّد الأبناء على تقبل آراء الآخرين ، ثم يأتي دور المدرسة لتنشر ثقافة الحوار وأهميته، وتكمل بقية المؤسسات نشر هذه الثقافة مثل مؤسسات التعليم العالي والمؤسسات الاجتماعية والإعلامية.
وتضيف وفاء بنت خميس الحنظلية قائلة: تأتي الحلول من خلال غرس ثقافة الحوار لدى الناشئة بحيث تكون دائما من خلال التحاور والنقاش بعيدا عن أخذ الأشياء بالقوة والعنف وأيضا يكون الحوار هادفا من أجل غرس قيم نبيلة متأصلة في المجتمع. ويضيف إليها اسحاق بن هلال الشرياني قائلا: الحلول عديدة ولكن تحتاج إلى تطبيق من أهمها الجلسات الحوارية داخل المجتمع والمشاركة البناءة في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك التواصل القويم مع ذوي الاختصاص.
كما أشار علي بن خالد الغيلاني قائلا: يتم إنشاء مؤسسات تعنى بالاهتمام بالرأي العام، والأخذ به متى ما كان ممكنا ومناسبا وواقعيا، مما يشجع على اهتمام المواطنين وإيمانهم بأهمية الحوار وبالتالي سوف تسعد البلاد بمستقبل مشرق وواعد، وأيضا اعطاء فئة الشباب فرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومساعدتهم في تطويرها مما من شأنه أن يسهم في دفع عجلة التنمية للوصول إلى مستقبل أفضل.
أخيرا، إن وجود ثقافة الحوار أصبحت شيئا مهما في حياتنا اليومية نصل من خلالها لأهدافنا. كما ساعدت على توفير العديد من مطالب المواطنين بطريقة سلمية بعيدا عن التشنجات .
فكل مواطن أصبح يدرك أهمية الحوار البناء ليوصل من خلاله صوته للجهة المختصة. فالمؤسسات التعليمية والإعلامية وغيرها تلعب دورا فعالا في نشر الحوار بين المواطنين. فاجعل ثقافة الحوار رسائل أو أصوات لمطالبك ورغباتك في المجتمع لتنتشر وتعم الفائدة من خلالها للجميع، وتحدث التغيير الإيجابي في الفكر الشبابي وتطور المجتمع وتلبي رغباته.