استبانات الرأي.. ضرورة علمية تتأرجح بين الأهمية و المصداقية
تعد هذه الأداة طريقة جيدة للحصول على بيانات لا توفِّرها مصادر أخرى، كما تعطي المستجيبين حرية الإجابة للمعلومات المتوفرة لديهم، مبينا أنه من المعلوم أن للاستبانات أنواعا وهي: الاستبيان المفتوح، والاستبيان المقفول، والاستبيان المفتوح – المقفول. عيوب الاستبانات ومعالجتها وعلى الرغم من أهميتها ومميزاتها للباحثين وطلاب الدراسات العليا، والتي تجعلها من أهم أدوات جمع البيانات، إلا أنها تتعرض إلى نقد من المهتمِّين بأساليب البحث العلميِّ، غالبية هذه الانتقادات تدور حول مدى دقَّة وصحَّة البيانات والمعلومات التي يتم الحصول عليها بهذه الأداة، فعلى سبيل المثال: يقوم المستجيبون بإعطاء بيانات غير صحيحة، عدم تمثيل العينة لأفراد مجتمع البحث، عدم إمكانية الباحثين من ملاحظة وتسجيل ردود فعل عينة الدراسة لا سيما إذا كانت هذه الردود والانفعالات مهمة للبحث، عدم اهتمام بعض أفراد عينة الدراسة بالإجابة الموضوعية على أسئلة الاستبيان. ويوضح التوبي أنه وللحد من هذه العيوب وغيرها، يجب على الباحثين اتباع العديد من الخطوات والإجراءات منها على سبيل المثال: التأكد من أن الاستبيان هو الوسيلة الأفضل لجمع المعلومات اللازمة لموضوع الدراسة المراد بحثها، وتحديد نوع المعلومات المطلوبة في ضوء أهداف البحث وأسئلته، وتحديد العينة المناسبة التي تمثل مجتمع الدراسة، اتخاذ الإجراءات العلمية السليمة لبناء الاستبيان وتحكيمه وتجريبه قبل تطبيقه بشكل نهائي. وفي حالة وجود متعاونين مع الباحث يجب الالتقاء بهم لتوضيح الغرض من الاستبانة، واختيار الوقت المناسب لتوزيع الاستبانات مع أهمية أن تكون العينة ممثلة لمجتمع الدراسة، واتخاذ الإجراءات الضرورية لحث عينة الدراسة للإجابة على جميع أسئلة الاستبيان وبموضوعية تامة، مع أهمية إعطاء أفراد العينة مساحةً حرَّة في نهاية الاستبيان لكتابة ما يراه من إضافات تكون مهمة للبحث، ومراجعة الاستبانات بعد الحصول على الإجابة عليها والتأكد من عمليات التفريغ من أجل الحصول على بيانات أكثر دقة. أداة للقياس في حين يوضح الأستاذ الدكتور سامر جميل رضوان تخصص علم النفس الإكلينيكي أن البحث العلمي عموما هو طريقة منظمة لحل مشكلات يواجهها الإنسان في حياته أو للإجابة عن أسئلة محددة. ومن أجل إيجاد إجابة عن هذه الأسئلة يحتاج الباحث إلى أدوات "للقياس" يستطيع من خلالها التوصل لإجابات عن تلك الأسئلة المطروحة. ومن هذه الأدوات المقاييس النفسية أو الاستبيانات أو الاختبارات والتي هي عبارة عن أدوات؛ هو أدَاة عِلْمِية لفحص صفة معينة وتقدير درجة وجودها مقارنة بأشخاص آخرين. مبينا أن ما يتم قياسه في العلوم التربوية والنفسية والاجتماعية هو خصائص أو صفات أو سمات كامنة غير ظاهرة ومن ثم فإننا لا نستطيع قياسها بشكل مباشر بل بشكل مباشر. ومن هنا فإن المقاييس النفسية بغض النظر عن تسميتها يفترض لها أن تعكس لنا هذه الصفات أو السمات (مهارات، قدرات، تحصيل، آراء، اتجاهات، تصرفات في مواقف محددة بَيَانَات تاريخ الحياة والبَيَانَات الاقتصادية والمَدْرَسِية والطبية والنَفسية وغيرها، وذلك من خلال ما تطرحه على الشخص من مهمات ((أسئلة)) يستطيع الباحث من خلالها استخلاص بعض الحقائق حول الكيفية التي يتصرف بها الإنسان في المواقف الواقعية عندما تواجهه متطلبات محددة. ومن أجل الاعتماد على هذه الأدوات يشير رضوان إلى أنه لابد بداية من أن يكون الباحث على معرفة عميقة ودقيقة بما يرغب قياسه وأن يراعي عددا من الشروط تطلق عليها نوعية الاختبار كالموضوعية والصدق والثبات. المقاييس النفسية أو الاستبيانات لا تقيس السلوك كله وإنما جزءا منه أو عينة منه. كما أنه من الصعب أن يتنبأ الاستبيان بالسلوك الفعلي للشخص، ولكننا نستطيع في أفضل الأحوال استنتاج الاستعدادات، أي ما يمكن أن يفكر أو يشعر أو يتصرف به الشخص في موقف معين. معايير علمية ويوضح رضوان أنه ومن أجل التوصل إلى استنتاج علمي من خلال الاستبيانات لابد من توفر شرط أساسي في التفسير المسؤول والموضوعي وغير المتحيز للنتائج، والذي يتم وفق معايير علمية تطلق عليها الموضوعية والصدق والثبات كما أشرنا أعلاه. فمن أجل التوصل إلى نتائج موضوعية قابلة للتقييم لابد إذاً من أن تتم صياغة الاستبيانات بطريقة دقيقة وبناء على المعرفة العميقة للباحث بموضوع تخصصه. وللأسف فإن كثيرا من الباحثين لا يولي لأدوات القياس هذه أهمية كبيرة و لا يكون ملماً بالأسس التي يقوم عليها إعداد الأدوات ومن ثم فإنهم يتوصلون إلى نتائج غير صحيحة وغير قابلة للتعميم والتطبيق، ومن ثم لا يمكن الاستفادة منها. فمقدار دقة الأداة في قياس ما، يفترض لها أنها تقيسه يقود إلى نتائج يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها. وغالباً ما يشكك البعض بالاستبانات وبأهميتها وصحة النتائج المستخلصة منها أو يمتلك أحكاما مسبقة، وقد وجهت في الماضي للاستبانات الكثير من الانتقادات، كون احتمالات الخطأ فيها قد تكون كبيرة، بدءا من مرحلة الإعداد وانتهاء بتحليل النتائج واستخلاصها، إلا أنها وعلى الرغم من ذلك تظل واحدة من الوسائل المهمة التي يصعب الاستغناء عنها في البحوث النفسية والتربوية. والخلل إن وجد فهو يرجع للباحث بالدرجة الأولى الذي يهمل في مراعاة الشروط المتعلقة بإعداد وصياغة الاستبيانات وتطبيقها واستخلاص النتائج وتحليلها. وبشكل عام، فإن النتائج التي يمكن أن تسفر عنها أدوات البحث العلمي في العلوم الإنسانية عموما، هي مؤشرات تساعد على تبيان اتجاه ظاهرة ما ولا تعد حقائق علمية مطلقة أو نتائج نهائية قاطعة، ومن ثم فإن الأمر متعلق بهذا الخصوص بالتفسير وليس بالأداة نفسها.