عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية وسبق أن عمل رئيس لتحرير جريدة عمان
عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية وسبق أن عمل رئيس لتحرير جريدة عمان
اليوبيل الذهبي

دروس مستفادة

20 نوفمبر 2022
20 نوفمبر 2022

تتزامن احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد هذا العام مع مناسبة مرور خمسين عاماً على صدور جريدة عمان في انطلاقتها الأولى مع مسيرة النهضة المباركة بقيادة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وهذه المناسبة فرصة للنظر إليها بعيدا عن كونها مجرد احتفالية عابرة إنما هي فرصة مؤاتية لمراجعة النفس واستخلاص الدروس المستفادة على مدار السنوات الخمسين في مسيرة صحيفة «عمان» التي نعتز جميعا بالانتماء إليها.

أقول بأن هذه المراجعة الواجبة تستهدف تعظيم الإيجابيات والبناء عليها ومحاصرة السلبيات للحد منها وتفاديها، بل وتحويلها من خانة السلب إلى بند الإضافة كلما أمكن ذلك.

وقد شرفت شخصيا بتكليف سامي من صاحب الجلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - في العام 2005م بتولي مسؤولية الرئاسة التنفيذية لهذه المؤسسة الوطنية الهامة باعتبارها حاملة لمشاعل التنوير المجتمعي من خلال أدائها المتزن والموضوعي في التعامل مع مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية منارتها في ذلك سياسة خارجية محايدة تنطلق من مصالح وطنية خالصة محتفظة لنفسها بالمسافة الكافية التي تضمن لها البقاء خارج دائرة الانحياز لطرف دون الآخر في كافة الصراعات «الباردة والساخنة» على حد سواء، مؤمنة بأن حلولها يستوجب دوما سلوك الطريق السلمي نهجا للوصول إلى تسوية أية خلافات أو صراعات.

كما تحملت مسؤولية رئاسة تحريرها إضافة إلى الرئاسة التنفيذية للمؤسسة التي تصدر عنها الصحيفة واجتهدت - قدر استطاعتي - من أجل تطوير هذه المؤسسة على مختلف الأصعدة الصحفية والإعلانية والتوزيعية والإدارية..فكان الاهتمام بتطوير الصحيفة في الشكل والمضمون في خطين متوازيين حيث وضعنا «ماكيتا» جديدا يؤمن تأطيرا أفضل للمحتوى الصحفي والإعلامي والإعلاني يكون أكثر جاذبية لأبواب الصحيفة.

وفي المضمون، عملنا على توسيع مساحة حرية الرأي والتعبير في إطار من الالتزام بالموضوعية.. فقد شهدت تلك الفترة نشر تحقيقات جريئة كان بعضها كاشفا لجوانب نعتقد بسلبيتها لجوانب معينة من الأداء الحكومي مع كفالة الفرصة للرأي الآخر.

فتحنا أيضا المجال واسعا لتهيئة المناخ المناسب أمام الكفاءات العمانية الشابة، خاصة في المجال الثقافي ومقالات الرأي، حيث برزت أقلام متميزة قلد البعض من أصحابها لاحقا مواقع مهمة في الدولة وأعتز بأن رئيس تحريرها الحالي أحد نتاج تلك المرحلة، كما تمكن البعض الآخر من الفوز بجوائز عالمية في مجالات الإبداع الثقافي ممن كانت الجريدة مساحة لإبداعهم.

عملنا أيضا على تعزيز الإصدارات الصحفية للمؤسسة، والتي كان من أبرزها مجلة ربع سنوية متخصصة في الشؤون السياحية، ومجلة أخرى نصف شهرية متخصصة في «المنوعات والفنون» بأشكالها المتنوعة، وملحق إعلاني.. إلى جانب تطوير الملحق الثقافي «شرفات». الذي صدر في بعض الفترات أربعة أيام في الأسبوع، كما تم إصدار كتب تناولت مسيرة النهضة ودور عمان في محيطها الخليجي والعالمي مستهدفين رفد المؤسسة وإصداراتها المختلفة بالبحوث والدراسات الرصينة الهادفة لرفع كفاءة أدائها وتعزيزها وإثرائها.

وإذا كانت اقتصاديات المؤسسات الصحفية والإعلامية تشكل عمودها الفقري ليس فقط من حيث الاعتماد عليها لتحقيق أرباح مالية تضمن تمويل عمليات التطوير المستمرة في الجوانب المتعددة، وإنما أيضا لرفع الكفاءة الاقتصادية للمؤسسة بشكل عام حيث أن المؤسسة في وضعها القانوني والإداري (تمويل ذاتي) مع وجود أعباء مالية تتمثل في دمج وكالة الأنباء العمانية ضمن هيكلها الإداري والمالي.

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم الآن إلا أنني على ثقة من كفاءة وقدرة وعزيمة أبنائنا الذين يتحملون شرف مسؤولية هذه المؤسسة وإدارتها للمحافظة على ما تحقق وتطويره والبناء عليه بإذن الله، وما نشاهده من تطور خلال هذه المرحلة يثلج الصدر ويدعو إلى التفاؤل بمستقبل مشرق للصحيفة وأبنائها البررة.

منتهزاً هذه المناسبة كي أعبر عن الشكر والتقدير لزملاء المرحلة الذين دونهم ما كان يتحقق الطموح والإنجاز، والتقدير لكل من مرَ على هذه المؤسسة والجريدة من رؤساء ومرؤوسين الذين بذلوا قصارى جهدهم منذ اللبنة الأولى مروراً إلى هذا التاريخ المبارك والذي لا يتسع معه الإشارة بالأسماء المحفوظ ودهم وتقديرهم، متمنين للجريدة ومنتسبيها وكل قطاعات الإنتاج بها التوفيق والخير والتطور وعُمان تخطو خطوات نحو التطور والمجد في نهضتها المتجددة بقيادة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ .

وكل عام وعُمان في أمن وأمان، وقيادتها في صحة وخير، وشعب عمان العزيز في تطور وازدهار.

متمنين لإدارة جريدة عمان ومنتسبيها المزيد من الرفعة والتقدم في ظل قائد عمان الحبيبة.

وكل عام وأنتم أعزائي القراء وعمان الصحيفة والوطن والدولة بألف خير.

عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية وسبق أن عمل رئيس لتحرير جريدة عمان.