جنود أوكرانيون على متن مركبة عسكرية على خط المواجة بالقرب من الحدود الروسية في منطقة سومي.
جنود أوكرانيون على متن مركبة عسكرية على خط المواجة بالقرب من الحدود الروسية في منطقة سومي.
العرب والعالم

موسكو تبدأ عملية جديدة لصد توغل القوات الأوكرانية وتجلي أكثر من 76 ألفا في كورسك

10 أغسطس 2024
واشنطن تقدّم مساعدات عسكرية بقيمة 125 مليون دولار لكييف
10 أغسطس 2024

موسكو "وكالات": بدأت موسكو اليوم السبت تنفيذ "عملية لمكافحة الإرهاب" في ثلاث مناطق حدودية متاخمة لأوكرانيا، وذلك في اليوم الخامس لتوغل القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية، حيث حذرت الوكالة النووية الروسية من أن الهجوم الذي تشنه كييف "يشكل تهديدًا مباشرًا" لمحطة الطاقة النووية في المنطقة.

ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن وزارة الطوارئ المحلية أن أكثر من 76 ألف شخص تم إجلاؤهم من المناطق المتاخمة لأوكرانيا في منطقة كورسك الروسية، عقب التوغل الأوكراني الأسبوع الماضي.

في الوقت نفسه، تخوض روسيا معارك شرسة ضد آلاف الجنود الأوكرانيين الذين توغلوا بعمق 20 كيلومترًا داخل منطقة كورسك، في أكبر هجوم أوكراني على الأراضي الروسية منذ بدء الحرب في 2022.

وأكدت الوكالة النووية الروسية (روساتوم) أمس الجمعة أن الهجوم الأوكراني "يشكل تهديدًا مباشرًا" لمحطة الطاقة النووية في كورسك، الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومترًا من منطقة القتال. وأضافت الوكالة: "هناك خطر حقيقي من وقوع ضربات واستفزازات من جانب الجيش الأوكراني".

ودعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى "التزام أقصى قدر من ضبط النفس لتجنب حادث نووي قد تكون له تداعيات إشعاعية خطيرة". وأشارت البعثة الروسية إلى أنه تم العثور على "شظايا وبقايا" يُرجح أنها قطع من صواريخ تم اعتراضها الخميس الماضي في موقع المحطة.

وعبرت وحدات تابعة للجيش الأوكراني الحدود وتوغلت في منطقة كورسك الثلاثاء الماضي، وتقدمت عدة كيلومترات، وفقًا لمحللين مستقلين. وردًا على "محاولة غير مسبوقة لزعزعة الاستقرار"، أعلنت السلطات الروسية اليوم السبت عن بدء "عملية لمكافحة الإرهاب" في مناطق بيلغورود وبريانسك وكورسك المتاخمة لأوكرانيا.

تشمل الإجراءات التي قد تُفرض تقييد الحركة، الاستحواذ على المركبات، مراقبة المكالمات الهاتفية، إعلان مناطق محظورة، إقامة نقاط تفتيش، وتعزيز الأمن على مواقع البنية التحتية الاستراتيجية.

وأكدت وزارة الدفاع الروسية أمس الجمعة أنها "تواصل صد محاولة القوات الأوكرانية التوغل عبر الحدود"، مشيرة إلى استخدام نيران الطيران والمدفعية لضرب القوات الأوكرانية. كما نشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات تظهر دبابات تطلق النار على مواقع أوكرانية في منطقة كورسك، بالإضافة إلى غارة جوية، وأكدت نشر وحدات إضافية في المنطقة الحدودية.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع في بيلاروس، الحليفة لروسيا، عن تعزيز وحداتها في منطقة غوميل على حدودها الجنوبية مع أوكرانيا، وذلك بنشر قوات وصواريخ إضافية "للرد على أي استفزاز محتمل".

وقال إيغور كوتساك، رئيس بلدية كورسك، إن فريقه تلقى أكثر من 16 ألف طلب مساعدة من أشخاص غادروا المناطق الحدودية في المنطقة. كما تم تسيير قطارات إضافية إلى موسكو للراغبين في المغادرة.

وقُتل خمسة مدنيين وأصيب 55 آخرون، بحسب السلطات الروسية.

من جهته، أكد الجيش الروسي أن قوات كييف بلغت مدينة سودجا، التي يبلغ عدد سكانها 5500 نسمة وتقع على مسافة حوالي عشرة كيلومترات من الحدود وتضم محطة لنقل الغاز ما زالت تؤمن إمدادات لأوروبا ولا سيما سلوفاكيا والمجر عبر أوكرانيا.

ولم يُعرف مدى تقدم القوات الأوكرانية التي تشارك في عملية التوغل وعددها، إذ يمتنع المسؤولون الأوكرانيون في الوقت الحالي عن أي تعليق بشأن حجم العملية وأهدافها.

وفي خطابه اليومي، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالنجاحات التي حقّقتها قواته. كما شكر القوات الأوكرانية على "سد النقص في صندوق التبادل"، في إشارة إلى أسر جنود روس يمكن في وقت لاحق مبادلتهم بأسرى أوكرانيين.

في هذه الأثناء، أفاد مدونون عسكريون روس بأن العديد من الجنود الروس أُسروا في أوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022.

وتُعد هذه العملية غير المسبوقة انتكاسة كبيرة للروس الذين كانوا حتى وقت قريب في موقع الهجوم ويحققون مكاسب في شرق أوكرانيا على حساب قوات كييف.

وتوضح تحليلات الخبراء العسكريين أن التوغل الأوكراني في منطقة كورسك يمثل تقدماً سريعاً للتشكيلات الأوكرانية، بينما تحول النزاع في مناطق أخرى من الجبهة إلى حرب استنزاف منذ نهاية 2022.

ويرى محللون أن القوات الروسية، رغم تفوقها العددي والتجهيزي، حققت مكاسب في منطقة دونيتسك في الأسابيع الأخيرة، وقد تسيطر على مدن مهمة إذا استمروا على هذا المنوال.

وردت روسيا، على ما يبدو، يوم الخميس الماضي على التوغل الأوكراني بشن ضربة صاروخية على سوبرماركت في بلدة كوستيانتينيفكا، أودت بحياة 14 شخصًا على الأقل.

وفي منتصف مايو، فتحت القوات الروسية جبهة جديدة بمهاجمة منطقة خاركيف (شمال شرق)، لكن القوات الأوكرانية تصدت لها في مدينة فوفشانسك التي لا تزال تشهد معارك.

وأفادت النيابة العامة الأوكرانية اليوم السبت بمقتل ثلاثة مدنيين خلال الليل في ضربات روسية استهدفت منطقة خاركيف.

وأعلن الجيش الأوكراني اليوم عن انخفاض عدد "الاشتباكات القتالية" داخل أوكرانيا، في إشارة محتملة إلى أن توغله في روسيا يخفف الضغط عن أجزاء أخرى من خط المواجهة الواسع حيث تسجل القوات الروسية تقدماً.

واشنطن تقدّم مساعدات عسكرية بقيمة 125 مليون دولار

في سياق آخر، أعلنت الولايات المتحدة اليوم تقديم مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 125 مليون دولار لسلطات كييف، في ظل استمرار الهجوم الأوكراني داخل الأراضي الروسية. وأوضح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن هذه الحزمة تأتي تأكيدًا على "التزام الولايات المتحدة الثابت تجاه أوكرانيا في مواجهة العملية العسكرية الروسية"، مضيفًا "إننا على اتصال بنظرائنا الأوكرانيين، ونعمل على اكتساب فهم أفضل لما يفعلونه، وما هي أهدافهم، وما هي استراتيجيتهم".

وأشار أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، في تصريحات منفصلة، إلى أن المساعدات ستشمل صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي، وذخائر لأنظمة الصواريخ، وأجهزة رادار متعددة المهام، وأسلحة مضادة للدبابات، معتبرًا أن هذه المعدات ستعزز قدرة أوكرانيا على حماية قواتها وشعبها من الهجمات الروسية، وتحسين قدراتها في خطوط المواجهة. يُذكر أن الولايات المتحدة تعد الداعم العسكري الرئيسي لأوكرانيا، وقد تعهدت بتقديم أكثر من 55 مليار دولار من الأسلحة والذخائر والمساعدات الأمنية منذ بدأت روسيا عمليتها العسكرية ضد جارتها في فبراير 2022.

مقتل 40 جنديًا روسيًا في هجوم على منصة للغاز في البحر الأسود

وفي تطور آخر، أعلن المتحدث باسم البحرية الأوكرانية اليوم السبت أن البحرية وجهاز المخابرات العسكرية الأوكرانية هاجما منصة غاز بحرية كانت تستخدمها القوات الروسية في البحر الأسود، مما أسفر عن مقتل 40 جنديًا روسيًا.

وقال المتحدث، دميترو بليتنتشوك، على فيسبوك: "استخدم المحتلون هذا الموقع للتلاعب بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لجعل الملاحة المدنية خطرة. لا يمكننا السماح بحدوث هذا".

ونشر مقطع فيديو يظهر انفجارًا على المنصة البحرية وحريقًا أعقبه. وأوضح أن القوات الروسية كانت قد نشرت معدات وعسكريين على المنصة قبل الهجوم.

وأكد بليتنتشوك أنه لم يكن هناك مدنيون على المنصة، وأنها كانت خارج الخدمة بالفعل.

يُذكر أن روسيا استولت على العديد من منصات الغاز والنفط البحرية بعد ضمها شبه جزيرة القرم في 2014، وتستخدم بعضها لأغراض عسكرية منذ ذلك الحين.

وسائل الإعلام الأوكرانية أفادت بمقتل عشرات الجنود الروس في الهجوم على منصة الغاز.