العرب والعالم

اخلاء قسري .. ونزوح يبدأ ولا ينتهي

10 يوليو 2024
الفلسطينيون ينهشهم الجوع تحت نيران القصف
10 يوليو 2024

قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية)"أ ف ب":

يحلم يوسف جابر باحتساء الشاي بالنعناع ويُفضله حلو المذاق، لكن تحقيق هذه الأمنية في غزة من سابع المستحيلات، بعد أن أنهك الجوع والعطش سكانها النازحين مراراً وتكراراً هرباً من الموت والدمار.

في مخيم جباليا للاجئين، يقول يوسف جابر البالغ من العمر 24 عاماً "لم يعد الطعام متوفراً في شمال قطاع غزة" الذي يتعرض لقصف اسرائيلي متواصل منذ تسعة أشهر.ويضيف "لا يصلنا سوى الطحين والمعلبات .. ليس لدينا خضار نطبخها أو لحم نأكله. نحن نعاني من مجاعة حقيقية".

ويؤكد خبراء حقوقيون أمميون هذا الواقع المؤلم ممشددين على أن إسرائيل تشنّ "حملة تجويع متعمّدة وموجّهة" ضد "الشعب الفلسطيني".

وقال الخبراء المعيّنون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لكن لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة إن الحملة "شكل من أشكال عنف الإبادة وأدّت إلى مجاعة في جميع أنحاء غزة" ما تسبب في وفاة أطفال.

وقالت حركة حماس ان إسرائيل "بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ 64 يوما، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات بسبب الجوع، خاصة بين الأطفال"، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك.

وأشار جابر إلى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية القليلة التي ما زالت متوفرة، مثل السكر الذي صار بضاعة فاخرة ووصل سعر الكيلو منه إلى 100 شيكل (25 يورو).

وطار حلمه باحتساء "كوب شاي بالنعناع"، موضحاً "لا يوجد غاز لنسخن الماء، ولا نعناع، أما السكر فهو باهظ الثمن".ويضيف بأسف "حياتنا مخزية ومذلة".

وحذر المجلس النروجي للاجئين الثلاثاء من أن الفلسطينيين في قطاع غزة يفتقرون إلى كل شيء، فهم يغتسلون بالمياه المالحة وسائل الجلي وتعترضهم "سلسلة من العقبات" في حياتهم اليومية لتأمين الاحتياجات الأساسية.

وقالت ميساء صالح، مسؤولة الشؤون الإنسانية للمجلس في دير البلح، إن "الناس، رغم ضغوط الحياة اليومية الشديدة، صامدون . رغم أن الكثيرين ما عادوا يتذكرون ما كانوا عليه" قبل الحرب.

ويضاف إلى ذلك حركة النزوح المستمرة، مع مواصلة الجيش الإسرائيلي هجومه البري على مدينة غزة وسط القصف المدفعي والبحري والغارات الجوية، مما دفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الفرار، بحسب الأمم المتحدة.

وفي مؤخرة شاحنات محملة بأفرشة النوم وغيرها من المتعلقات وهي تفر عبر شوارع المدينة من المناطق التي صدرت لها أوامر إخلاء إسرائيلية قالت أم تامر، وهي أم لسبعة أطفال، عبر تطبيق للدردشة " أن مدينة غزة تباد، إسرائيل تهجرنا من بيوتنا تحت النار".

وقالت إن هذه هي المرة السابعة التي تفر فيها أسرتها من منزلها في مدينة غزة الواقعة بشمال القطاع، والتي كانت من الأهداف الأولى لإسرائيل في بداية الحرب في أكتوبر تشرين الأول.

وأضافت "ما في عنا قدرة نتحمل أكتر، تعبنا. بيكفي موت وإهانة وقفوا الحرب فورا".

والأسبوع الماضي، قدرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ أن 1,9 مليون شخص، أي 80% من السكان، نزحوا بسبب الحرب، عدة مرات.

وحتى في دير البلح التي طُلب من السكان النزوح إليها، لا يوجد أي مكان آمن.

وتؤكد الأمر رندة بارود التي كانت عائلتها تقوم بإزالة أنقاض منزلها الذي دمرته غارة إسرائيلية.

وقالت :"سمعنا دوي التفجيرات وصراخ الأطفال، نحن أبرياء، هرعنا إلى الشارع"، في حين كان الأطفال يبحثون بين الأنقاض عما يمكن استخدامه من صحون وادوات مطبخ.

وتساءلت "ما ذنبنا؟ لماذا لا يتدخل العالم".

واقتحمت الدبابات الإسرائيلية العديد من الأحياء في مدينة غزة خلف وابل من القصف من الطائرات الحربية والمسيّرات وفق شهود عيان والدفاع المدني وحماس، ما دفع الآلاف إلى الفرار مجددا

سيرًا وعلى دراجات وعربات تجرها حمير، حاملين أمتعتهم عبر الشوارع المليئة بالركام وتحت أزيز المسيرات. وبين فترة وأخرى تعاود اسرائيل في اصدار أوامر الاخلاء القسري لعشرات الآلاف من السكان

اجزاء مختلفة من قطاع غزة .والثلاثاء، اعتبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن أوامر الإخلاء الجديدة "مروعة".