العسل العماني ينساب من قمم الجبال وأشجار الأودية
الجودة منحته سمعة طيبة في السلطنة وخارجها -
كتبت - فاطمة الهنائية -
يقضي النحال في السلطنة وقته متنقلا بين قمم الجبال والأودية بحثا عن غذاء وأماكن مناسبة يضع فيها مناحله لينتج أفضل أنواع العسل العماني.
وعندما يشتد المحل في بلدة ما ويقل الرعي الذي يحتاجه النحل يبحث عن مكان آخر ولا يجد في البعد مانعا للانتقال إليه إذ يصل بمناحله أحيانا إلى محافظة ظفار خصوصا في فصل الخريف.
وهناك كثيرون يمتهنون تربية النحل وإنتاج العسل العماني بمختلف أنواعه التي تتعدد حسب المواسم ولعل أفضلها عسل السمر (البرم) .. ورغم الصعوبات التي يواجهها النحالون في الانتقال من مكان إلى آخر ورعايتهم اللصيقة بالمناحل إلا أن العمل في هذا المجال يدر على أصحابه عوائد جيدة مقارنة بأنشطة أخرى خصوصا أن العسل العماني أصبح يحظى بشهرة حتى في الدول الأخرى.. في ظل الدعم والتوجيه من قبل الجهة المعنية وهي وزارة الزراعة والثروة السمكية..
ويجمع سوق العسل العماني في دورته الحالية بمركز مسقط جراند مول عشرات النحالين من مختلف محافظات السلطنة حيث يعد السوق الذي ينظم مرتين في العام أحد أوجه الدعم من قبل الوزارة في الترويج لهذا المنتج وإيجاد مكان مناسب لتسويقه.
وبدا اهتمام المنتجين بالتعليب والتغليف واضحا على المنتج من خلال العبوات المعروضة موضحة الشوط الكبير الذي قطعه النحالون وإدراكهم لأهمية التغليف في تسويق منتجهم.
يقول مبارك الخاطري الذي يحرص بشكل متواصل على المشاركة بسوق العسل: يوجد لدي عدة أنواع منها عسل السدر والسمر إلى جانب الأقراص الشمعية الطبيعية، والغذاء الملكي والعكبر وحبوب اللقاح والشمع وسم النحل.
ويتحدث عن مواسم العسل بالقول هناك مواسم عدة لإنتاج العسل هي السدر ويبدأ في شهر مايو وينتهي في منتصف يونيو، وموسم السمر تكون بدايته في أكتوبر وينتهي منتصف نوفمبر، وموسم السرح من مارس وحتى منتصف أبريل، فيما يتكاثر النحل في موسم الخريف ولكن إنتاج العسل يكون بكميات بسيطة.
ويعاني مبارك الخاطري من الجفاف في الوقت الحالي والذي يقل وينعدم فيه المرعى وغذاء النحل بعد مرور ثلاثة أعوام بدون هطول أمطار في البلدة التي يسكنها حيث ينحصر الغذاء في أشجار السدر والسرح نظرًا لقدرتها على البقاء حتى مع قلة الأمطار ولكن لا يكون مستوى الإنتاج بالكميات الكبيرة.
ويشيد الخاطري بالدعم الذي يلقاه من وزارة الزراعة والثروة السمكية والمتمثل في الإرشادات والتنظيم وعمل البرامج المساعدة والمفيدة للنحالين، مبديا ارتياحه عن الاستفادة من المعارض التي تقام للعسل ودورها في التعريف بأنواعه حتى للسياح حيث إن هناك تنسيقا بين الوزارة والوفود السياحية القادمة من خارج السلطنة لزيارة سوق العسل العماني للتعريف به.
ويقول: إن التعبئة والتغليف في عبوات مخصصة أمر مهم للغاية وأصبح النحالون يهتمون بهذا الجانب ويجلب بعضهم العبوات من دول أخرى لإظهار المنتج في أفضل حال خصوصا ضمن التركيز على الجودة.
ويملك حمود العامري مشروع محل للعسل وهو أول مؤسسة تقوم بتصدير العسل العماني إلى أمريكا وأوروبا.
يقول ما يميز العسل العماني هو جودة المنتج ونقوم في مؤسستنا بإضافة اللمسات التقليدية إلى المنتج، إذ يتوفر لدينا العسل الجبلي ويسمى أبو طويق، وعسل السدر، وعسل الطلح وعسل العتم وعسل الشوع.
ويوضح العامري أن المكان الذي يتم فيه وضع المناحل إضافة إلى لون العسل عوامل تحدد جودة العسل ومثال على ذلك وجود فرق في عسل السدر بين العسل الجبلي الخالص والمخلوط بالأعشاب، حيث إن عسل العتم وأبو طويق من أبرز أنواع العسل العماني المرغوبة دوليا.
21 عاما
وأمضى محمد الحسني قرابة 21 عاما في مجال التنحيل حيث يمارسها منذ الصغر كهواية.. يقول عن مهنته: إنه أول من جلب النحل لولاية دماء والطائيين، ويتوفر لديه أنواع من العسل كالآخرين منها السمر والزهور وعسل بالشمع، مؤكدا أن تربيته تقتصر على النحل العماني، موضحا أن المستورد لا يتأقلم مع البيئة العمانية نظرًا لارتفاع درجات الحرارة.
وأشاد الحسني بالدعم المعنوي من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية كالإرشاد والتوجيه مشيرا إلى أن المعارض التي تقام تلعب دورا كبيرا الترويج للعسل العماني وإقبال المستهلكين للتعرف على كافة الأنواع التي تنتج في مختلف المحافظات كما أنها مكان مناسب يجمع النحالين للنقاش وتبادل الخبرة في الإنتاج.
الاعتماد على المبردات
ويتفق إسماعيل الحبسي من ولاية المضيبي مع نحالين آخرين بشأن التحديات التي واجهتهم بسبب الجفاف والمحل بالقول إن النحال عانى كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف وقلة الأمطار، ولكن أورد بعض الطرق لمواجهة ذلك من خلال وضع مبردات لخلايا النحل في الأماكن المخصصة لها، ومن الصعوبات أيضا ظهور موسم العثة التي يصاب فيها النحل بمرض وتتم المعالجة بأدوية خاصة، شاكرا دور الوزارة في دعمها المتواصل لتذليل الصعوبات التي تواجه النحال.
المشاركات الخارجية
أما ناصر البرومي فتحدث عن دور المعارض والحرص على المشاركات الخارجية في الترويج للعسل العماني مشيرا إلى أنه أصبح يحظى بسمعة طيبة بين المستهلكين حتى في الخارج.
يقول البرومي: خلال مشاركتي في معرض الدوحة للعسل لاحظت أن العسل العماني يحظى بإقبال وثقة كبيرتين من أبناء دول مجلس التعاون، وكان زوار كثر للمعرض يقصدون الجناح العماني بشكل مباشر وذلك للميزات التي يحظى بها العسل العماني.
توفير أراض للنحالين
كما أكد ذلك حمد البلوشي الحاصل على جائزة المنحل النموذجي عام 2003، وقال: إن مشاركاته الخارجية لاحظ بالفعل كثرة الإقبال على العسل العماني.
ويصدر البلوشي منتجه للعديد من الدول منها الجزائر وهولندا، ويتعامل مع تجار من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر.
ويجدد مطالبه بتوفير أراض بمساحات مناسبة للنحالين تمكنه من توفير كافة مستلزمات إنتاج العسل حيث سيتمكن حتى زراعة شجيرات وزهور يتغذى عليها النحل.
وحمد البلوشي حاصل على عضوية اتحاد النحالين العرب ويدعو النحالين العمانيين إلى الدخول في عضوية الاتحاد مبديا ملاحظته في وجود ما يقرب من 400 عضو من بعض الدول.
ويمتلك محمد الهشامي منحلا من 100 خلية، واصفا الإنتاج بأنه يتفاوت من سنة لأخرى. يقول لا نواجه صعوبة في التسويق .. لدينا زبائننا.
دراسة لتحسين المنتج
وإلى جانب وزارة الزراعة والثروة السمكية تلعب الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) دورا في دعم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال إنتاج العسل ..
يقول الدكتور أحمد الغساني الرئيس التنفيذي لريادة: نولي اهتماما كبيرا بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعمها في مختلف المجالات .. ومن بينها العاملة في إنتاج العسل حيث يعمل في هذا المجال كثيرون من رواد الأعمال.
ويضيف الغساني أيضا: إن هناك الكثير من الذين يعملون في مجال إنتاج العسل هم من فئة الشباب ومسجلين لدى ريادة حيث بدأوا من خلية أو خليتين ليصلوا اليوم إلى 200 و400 خلية.
ويقول أيضا: نقوم بدعم فني وتوجيهي لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتهم في إعداد دراسات الجدوى وتوجيههم نحو فرص وسائل التمويل، مشيرا إلى الاهتمام والتركيز على الجودة وهذا ما جعل العسل العماني يحظى بسمعة طيبة على المستوى الإقليمي والعالمي.
ونعمل الآن مع بعض المنظمات العالمية في إيجاد التشريعات التي من شأنها تحسين المنتج، وستقوم بإجراء دراسة نأمل من خلالها مساعدة المهتمين في هذا المجال في تحسين الجودة والنوعية.