الاقتصادية

ميزانية 2025 .. دعم للاستدامة وتقوية المركز المالي للدولة

16 يناير 2025
16 يناير 2025

استمرار تطوير مبادرات الضبط المالي وخفض الاقتراض .. وزيادة التوجه نحو أسواق الدين المحلية

توسعة هوامش الأمان المالي برفع مخصصات سداد الديون إلى 440 مليون ريال

الإعلان التفصيلي لخطة الإصدارات المتوقعة من السندات والصكوك الحكومية يعزز الشفافية وثقة المستثمرين

تحليل – أمل رجب

أكدت ملامح الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2025 على استمرار تنفيذ التوجهات التي تعزز الاستدامة المالية وتسهم في تقوية المركز المالي للدولة من خلال رفع الإنفاق العام واتباع استراتيجيات مالية واضحة وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطية لدعم النمو الاقتصادي المستدام، وتضمن بيان إعلان الميزانية العديد من المرتكزات والمبادرات المهمة التي تعزز الاستدامة وتحافظ على النتائج الإيجابية للأداء الاقتصادي والمالي، فمن خلال الميزانية العامة للعام المالي الحالي، تم رفع مخصصات بند سداد الديون المستقبلية، وإعلان تفصيلي لخطة إصدارات السندات والصكوك الحكومية والإطار الزمني المتوقع لهذه الإصدارات على مدار عام 2025، كما تم الإشارة إلى تفعيل الإطار السيادي للتمويل المستدام من خلال الإصدار الأول المتوقع من السندات والصكوك المتوافقة مع المعايير الدولية للتنمية المستدامة.

في جانب التمويل المستدام، أشار بيان الميزانية إلى مبادرات ومشروعات تحسين الأداء المالي خلال عام 2025، ومن أهمها الاستفادة من إطار التمويل السيادي المستدام الذي تم إصداره خلال العام الماضي، وسيشهد تفعيله خلال العام الجاري من خلال التعاون مع الجهات الحكومية المعنية بالمشروعات المستدامة، ويستهدف هذا التعاون الإعداد لطرح الإصدار الأول ضمن إطار عمل التمويل السيادي المستدام، كإحدى الأدوات المهمة لتحقيق الاستراتيجيات الوطنية للاستدامة بأنواعها المالية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، كما يعزز تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة للأمم المتحدة والمتوافقة مع المعايير والمبادئ الدولية لإطارات العمل الصادرة عن رابطة أسواق المال الدولية.

ويمكن التمويل المستدام سلطنة عُمان من تلبية الاحتياجات المالية عبر وسائل التمويل المستدامة وإتاحة هيكل مرن لإصدار أدوات دين متنوعة من التمويل المستدام، سواء كانت في صورة اتفاقيات قروض أو سندات أو صكوك والذي من شأنه أن يساهم في جذب مستثمرين جدد من المهتمين بالتمويل المستدام، ومن أهم القطاعات الواعدة التي تستفيد من هذا النوع من التمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر والصناعات الخضراء والمشروعات البيئية ومشروعات الاقتصاد الدائري.

وفي جانب تعزيز أسواق الدين المحلية، أوضح بيان الميزانية أن برنامج الاقتراض المحلي المعتمد لعام 2025 سيشمل إصدارات جديدة من الصكوك السيادية وسندات التنمية بإجمالي متوقع نحو 750 مليون ريال عماني، وتتضمن إصدارين من الصكوك السيادية بقيمة 200 مليون ريال عماني إضافة إلى عدد من إصدارات سندات التنمية الحكومية.

ويعكس هذا الإعلان التفصيلي حول خطة الإصدارات والمواعيد المتوقعة لكل إصدار وضوح وشفافية السياسات المالية الأمر الذي يعزز ثقة المستثمرين ويساهم في قيامهم بتكوين مخصصات منذ وقت مبكر مما يرفع الإقبال على الاكتتابات الخاصة بهذه الإصدارات من قبل كافة فئات المستثمرين أفرادا ومؤسسات.

ويعد التوسع في إصدارات الدين المحلية ممثلة في سوق السندات والصكوك في بورصة مسقط أحد التوجهات المالية المهمة التي تم التأكيد عليها من قبل وزارة المالية خلال العام الماضي، بهدف تحقيق كلفة مواتية للاقتراض وتعزيز التدفقات المالية المحلية وتشجيع الاستثمار في أسواق المال داخل سلطنة عمان مع الحد من الاقتراض الخارجي ونسبته من إجمالي الدين العام، نظرا لما يمثله الاقتراض الخارجي من مخاطر على الوضع المالي وضغوط على المركز الخارجي للدولة.

ويأتي هذا التوجه نحو أسواق الدين المحلي استمرارا لتطور المبادرات المالية الخاصة بإدارة محفظة الاقتراض والالتزامات المالية والتي حققت نجاحا كبيرا خلال الفترة الماضية من خلال استباقية سداد الديون المكلفة بأخرى أقل كلفة والاستفادة من تحسن التصنيف الائتماني وما أدى إليه من تحسين شروط الاقتراض، وقد كان لهذه المبادرات نتائج إيجابية في خفض حجم الدين العام وكلفة الأعباء المستقبلية للدين.

واستمرارا لدعم الاستدامة المالية واستغلالا لبقاء أسعار النفط عند مستويات مواتية حققت فائضا ماليا للميزانية العامة خلال السنوات الثلاثة الماضية، تم من خلال ميزانية العام الجاري رفع مستهدف مخصصات بند سداد الديون المستقبلية إلى 440 مليون ريال عماني بنهاية عام 2025 مقارنة مع 400 مليون ريال عماني خلال العام الماضي، في خطوة تعزز بناء الاحتياطيات المالية لسداد الدين ودعم المركز المالي للدولة.

وقد تم إضافة بند مخصصات سداد الديون للميزانية العامة بدءا من عام 2021 في إطار جهود ومبادرات ضبط الأوضاع المالية، ومن المستهدف الرفع التدريجي لمخصصات هذا البند ليبلغ 600 مليون ريال عماني سنويا، وفي إطار إعادة ترتيب الأولويات المالية تم خفض مستهدف هذا البند إلى ما دون 600 مليون ريال عماني خلال العامين الماضيين، ليبلغ المستهدف 400 مليون ريال عماني، وكان الخفض ضمن أولويات سلطنة عمان لتوجيه مخصصات أعلى للإنفاق الاجتماعي والتي تم من خلالها تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية ورفع المخصصات التي تعمل على تحسين مستويات المعيشة ودعم عدد من الخدمات منها الوقود والسلع الغذائية والكهرباء والمياه والنقل وغيرها من الخدمات، وبلغت مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى خلال عام 2024، بما في ذلك مخصصات سداد الديون والمساهمات في مؤسسات دولية، نحو 1.8 مليار ريال عماني، وتبلغ مخصصات هذا البند في ميزانية عام 2025 نحو 2.4 مليار ريال عماني من بينها 577 مليون ريال عماني مخصصات منظومة الحماية الاجتماعية و520 مليون ريال عماني مخصصات دعم الكهرباء و240 مليون ريال عماني للمشروعات ذات الأثر التنموي إضافة لبنود الدعم والمخصصات الأخرى. ويعد رفع مخصصات الديون المستقبلية تعزيزا لهوامش الأمان المالي وتوقيا لتقلبات النفط وللحفاظ على ما تحقق من استقرار كبير في الوضع المالي وتحسن في التصنيف الائتماني لسلطنة عمان مدعوما بتنفيذ متواصل لتوجهات الاستدامة المالية في رؤية "عُمان المستقبلية 2040".