تعزيز الشمول المالي يوفر آليات تمويل مبتكرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
- اهتمام بالتدريب وحوافز لتشجيع النمو وإطلاق حاضنات لدعم ريادة الأعمال في المناطق الاقتصادية الواعدة في السلطنة
يعد دعم مشروعات ريادة الأعمال من بين الأولويات التي تركز عليها الخطط التنموية في السلطنة نظرا للدور الكبير الذي تقوم به المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تعزيز النمو والتنويع الاقتصادي وتوفير فرص العمل المجدية للشباب من خلال تشجيع المبادرات والشركات الناشئة التي تمتلك القدرة على النمو والتطور إلى مشروعات متوسطة أو كبرى في خلال سنوات، وفي ظل هذا الدعم شهدت الفترة الماضية زيادة ملموسة في نسبة حاملي بطاقة ريادة الأعمال والمسجلين لدى هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ظل حوافز حكومية لتشجيع النمو واحتواء تبعات الجائحة، وإطلاق حاضنات لدعم ريادة الأعمال في المناطق الاقتصادية الواعدة في السلطنة إضافة إلى برامج وحلقات عمل للتوعية والتدريب ونشر ثقافة ريادة الأعمال كما تم إطلاق مبادرة التدريب على رأس العمل لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تتضمن تدريب 3 آلاف من الكوادر الوطنية من فئة الباحثين عن عمل.
وفي إطار الاهتمام المتواصل لمشروعات ريادة الأعمال أعلنت الهيئة العامة لسوق المال خلال الأيام الماضية عن الموافقة على التعديلات اللازمة في التشريعات المنظمة لسوق رأس المال بما يسمح في البدء في ترخيص وتنظيم منصات التمويل الجماعي والتي تعتبر من أهم أدوات التمويل المبتكرة ضمن التقنيات المالية الحديثة التي تقدم دعما للشركات الناشئة والمشروعات الابتكارية القائمة وتمكن رواد الأعمال والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من النفاذ لآليات أكثر ملاءمة للتمويل، وتساهم هذه التقنيات في خلق عوائد مالية على المدى البعيد ورفع مساهمة مشروعات ريادة الأعمال في التنويع الاقتصادي، فضلا عن تعزيز استخدام التقنيات الناشئة مثل الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء وتسهيل التسويق للمشروعات، وتساهم هذه التقنيات المالية المبتكرة في توسيع الشمول المالي في السلطنة والذي يعني تسهيل إيجاد منتج مالي مناسب لكل مشروع، وبينما تأمل الهيئة العامة لسوق المال في أن يتم ترخيص أول منصة تمويل جماعي في السلطنة قبل نهاية العام الحالي، فإن هذه الخطوة المهمة ستنضم إلى مجموعة من الإجراءات والحوافز لدعم ريادة الأعمال وتسهيل تمويل مشروعاتهم.
وفي بداية العام الجاري أعلنت السلطنة عن خطة التحفيز الاقتصادي التي تستهدف تعزيز التنويع الاقتصادي في الخطة الخمسية العاشرة وهي قطاعات الصناعات التحويلية والثروة الزراعية والسمكية والتعدين والمنتجات التعدينية والأنشطة الخدمية والثقافية واللوجستية والتعليم وقطاعات داعمة ومكملة، وترتكز خطة التحفيز الاقتصادي على خمسة محاور رئيسية تتمثل في حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم حوافز محسّنة لبيئة الأعمال والاستثمار وحوافز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحوافز لسوق العمل والتشغيل وحوافـز مصرفية تهدف إلى دعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات أزمة كوفيد-19 على الاقتصاد الوطني من خلال تقديم مجموعة من الإجراءات والمبادرات التحفيزية الهادفة إلى دعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية. وتأتي هذه الخطة داعمة لإجراءات خطة التوازن المالي متوسطة المدى الهادفة إلى تحسين المركز المالي وخفض الدين العام وتحسين التصنيف الائتماني.
وتضمنت حوافز دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تخفيض معدل ضريبة الدخل للمؤسسات والصغيرة والمتوسطة وفقا لتصنيف الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومثيلاتها من المؤسسات غير المسجلة بالهيئة والمسجلة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للسنتين الضريبيتين 2020م و2021م، واستمرار تأجيل أقساط القروض الخاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمستحقة لصندوق الرفد حتى نهاية ديسمبر 2021م، وأن يقتصر إسناد مناقصات المشتريات الحكومية التي لا تزيد قيمتها عن 10 آلاف ريال عماني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحاصل أصحابها على بطاقة ريادة، وقد جددت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مؤخرا دعوتها لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حاملي بطاقة ريادة الأعمال لتحديث بيانات مؤسساتهم في قاعدة بيانات الهيئة، لرفع فرصها من أجل التنافس على المشتريات الحكومية التي لا تزيد قيمتها عن 10آلاف ريال تفعيلا لخطة التحفيز الاقتصادي، كما أعلنت الهيئة عن تواصل جهودها لإطلاق 3 حاضنات ومراكز أعمال في المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بالسلطنة، حيث ستستفيد 30 مؤسسة صغيرة ومتوسطة من خدمة الاحتضان، كما تم إطلاق البرنامج التدريبي (تعزيز) الذي يستهدف المؤسسات المحتضنة بالهيئة والمركز الوطني للأعمال من خلال التركيز على المهارات القيادية وإدارة المشروعات والمهارات التقنية. كما تشجع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أصحاب المؤسسات على الاستفادة من مبادرة التدريب على رأس العمل التي وقعتها الهيئة مع وزارة العمل عبر تسجيل بيانات المؤسسات الراغبة في الاستفادة من حزم البرامج التدريبية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتتضمن المبادرة تدريب 3 آلاف من الكوادر الوطنية من فئة الباحثين عن عمل، ويتمثل الدعم الذي تقدمه وزارة العمل في تحمل تكاليف المنحة التدريبية الشهرية للمتدربين، وتم تدشين حزم التدريب على رأس العمل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة استجابة لتوجهات السلطنة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للحصول على كفاءات وطنية مدعومة التكاليف وتشغيل أكبر عدد ممكن من الباحثين عن عمل بعد إخضاعهم لبرامج التدريب على رأس العمل، وهو الأمر الذي سيسهم في تعزيز قابليتهم للتوظيف من خلال إكسابهم بالمهارات المهنية المطلوبة، وتستهدف المبادرة جميع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويجري اختيار الباحثين عن عمل المسجلين في وزارة العمل، أو حسب ترشيح المؤسسة لمن تراه مناسبًا لها.
والجدير بالذكر أن الشمول المالي يلقى اهتماما كبيرا من مختلف دول العالم، وحسب البنك الدولي، يعني الشمول المالي أن الأفراد والشركات لديهم إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار ميسورة تلبي احتياجاتهم- مثل المعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين- ويتم تقديمها لهم بطريقة تتسم بالمسؤولية والاستدامة ويسهّل توفير الخدمات المالية أمور الحياة اليومية، كما أصبح الشمول المالي أولوية لصانعي السياسات والهيئات الرقابية ووكالات التنمية على مستوى العالم وقد تم تحديد الشمول المالي كعامل رئيسي في تحقيق سبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تتبناها الأمم المتحدة. ومنذ عام 2010، تعهد أكثر من 55 بلدا بتحقيق الشمول المالي، وقام أكثر من 30 بلدا بإطلاق أو إعداد استراتيجية وطنية بهذا الشأن. وتشير الأبحاث إلى أنه عندما تضع البلدان استراتيجية وطنية للشمول المالي، فإنها تزيد من سرعة الإصلاحات وتأثيرها, ووفرت البلدان التي حققت أكبر قدر من التقدم نحو الشمول المالي بيئة تنظيمية وسياسية مواتية، وشجعت المنافسة التي تسمح للبنوك والمؤسسات غير المصرفية بالابتكار وتوسيع الوصول إلى الخدمات المالية. كما يؤكد البنك الدولي على أنه يجب أن يكون خلق هذا الفضاء المبتكر الذي يشجع على المنافسة مصحوبا بإجراءات ولوائح تنظيمية مناسبة لحماية المستهلك لضمان توفير الخدمات المالية بشكل يتسم بالمسؤولية. وقبل عدة سنوات أطلق صندوق النقد العربي مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية (نيابة عن الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية)، والتحالف العالمي للشمول المالي، وبمشاركة من البنك الدولي. وتعتبر المبادرة من المحركات الأساسية لتعزيز مستويات الشمول المالي في المنطقة العربية، وتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء وتنمية قدرات الفنيين لديهم وتحسين سبل المعرفة ودعم صانعي السياسات، وذلك للمساهمة في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة طويلة الأجل. كما قدم البنك الدولي الدعم المادي والمعونة الفنية لعددٍ من البنوك المركزية العربية لتطوير وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للشمول المالي من خلال دعم إجراء مسوحات جانب العرض والطلب وصياغة السياسات والإجراءات اللازمة لتصميم الاستراتيجيات، إضافةً إلى إجراء حملات التوعية والتثقيف المالي، وإنشاء المختبر التنظيمي للتقنيات المالية الحديثة.